ولعل هذه الكلمة قد طالت أكثر مما كنت أريد، فأختمها بالتأكيد على أهمية الاستمرار في طلب العلم، لأن العلم الشرعي في الواقع -كما يقال- بحر ليس له ساحل، ومن ميزة العلم الشرعي أنه كلما تعمق فيه الإنسان، ازداد تواضعاً لله تعالى لمعرفته بجهله حينئذ، كما قال الأول: وكلما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي وهذا والله هو الواقع، فإن الإنسان كلما توسع في العلوم، أدرك شدة جهله، لأنه عرف مقدار العلوم الكثيرة التي لا يعلمها، وربما لا يعرف من بعض العلوم إلا أسمائها أو رءوس المسائل فيها، فأدرك حينئذ أنه جاهل، لكن بعض العامة أحياناًَ -فضلاً عن بعض طلبة العلم المبتدئين- قد يقول الواحد منهم: نحن كل شيء نعرفه، ما يخفى علينا شيء، لكن عسى الله أن يهدينا! لماذا يظنون أنهم يعرفون كل شيء وأنهم لا يخفى عليهم شيء؟! لشدة جهلهم، فإذا عرف الواحد منهم مسائل كثيرة ظن أنه يعرف، فالعلم الشرعي بحر ليس له ساحل، بل هو بحار.