Q كثرت الزوايا والمساجد، بل إن البعض يبني له مسجداً لوحده، وتفرق الناس، ففي القرية الصغيرة يمكن أن يوجد أكثر من تسعة مساجد، فما رأيكم ونصيحتكم؟ وكذلك هل بالإمكان أن يقام بإزالة هذه المساجد؟
صلى الله عليه وسلم أما إزالتها فأعتقد أنه قد يكون صعباً بعدما أقيمت، لما يترتب على ذلك من المفاسد والفتن، ولكن ينبغي أن ندرك من أجل ماذا تقام المساجد، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حديث عثمان، وهو في الصحيح: {من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة} فتبني مسجداً لله تعالى، لا لمفاخرة أو لمباهاة ولا من أجل شيء آخر.
وأيضاً: كثرة الُخطا إلى المساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط} فأن تمشي خطوات إلى المسجد، ويكون الجمع أكثر، والبركة والرحمة أقرب، هذا أولى من كثرة المساجد وتعددها وتفرق الناس حولها، خاصةً: إذا دخل في ذلك -أيضاً- أمر المباهاة والمفاخرة والمنافرة والمباعدة.
فمثلاً: أنا لا أذهب إلى هذا المسجد، لأنه لبني فلان، فهذه من أعظم الأخطاء، فإن صلاة الجماعة أصلاً من أسباب وحِكَم مشروعيتها تقريب القلوب وجمع النفوس وإزالة البغضاء والعداوة بين المؤمنين، فإذا صارت المسألة أن تبني مسجداً وأبني مسجداً، فهذه كارثة! بل رأيت في قرية سكانها قليلون جداً مسجدين للعيد، وقال لي الإخوة: إن هذين المسجدين أقيما بسبب ما بين أفراد تلك القرية من التناحر والتباعد.