تجد أن في تلك الكتب وفي هذه المصنفات أبواباً خاصةً بالعبادات: بالصلاة، بالصوم، بالحج، بالعمرة، بالزكاة، وأبواباً أخرى خاصة بالمعاملات كالتجارة والنكاح، والطلاق، والصلح، والإجارة، وغير ذلك، وأنت تلاحظ فرقاً كبيراً بين هذين النوعين، فأنت تجد في مجال العبادات التفصيل.
خذ مثلاً: كتاب الصلاة تجد أن الأحاديث فصلت لك كيف تتوضأ، وتغتسل من الجنابة، وتقف للصلاة، وكيف تُكَبِّر، وكيف تركع، وما هي صفة الركوع، وماذا تقول، وكيف ترفع، ومتى ترفع يديك، وإلى أين ترفعهما، ومتى تضعهما، وماذا تقول، فستجد أنك مع الأحاديث منذ دخولك في الصلاة إلى أن تقول: السلام عليكم ورحمة الله، بل وبعد ذلك: كيف تذكر الله، وماذا تقول من الأدعية، ومن الأذكار إلى غير ذلك.
فتجد تفصيلاً دقيقاً جداً في مجال العبادات: في الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والعمرة، وذلك لأن هذه الأمور أمور تعبدية محضة مبناها على التوقيف، فلم نكن نعرف الصلاة والزكاة ولا الصوم والحج لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52] فهذه الأمور مبناها على التوقيف، وعلى النص وعلى النقل، فلا يحق لأحدٍ أن يبتكر عبادة لم يأت بها الرسول صلى الله عليه وسلم أو أن يتصرف في غير ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.