أما فيما يتعلق بالمعاملات فليس الأمر فيها كذلك، فالمعاملات الأصل فيها الجواز، ولا يشترط لمعاملة أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أذن فيها، بل الأصل الإباحة.
وعلى سبيل المثال بيع المعاطاة والاستصناع، فكونك تأتي إلى البقال، فتضع له الدراهم ثم تأخذ مقابلها، دون أن يكون هناك إيجابٌ ولا قبول أو كلام أو أي شيء، هذا الأمر الأصل فيه الإباحة؛ لأنه لونٌ من ألوان البيوع التي أحلها الله تعالى، ولو لم يرد في هذا البيع بذاته نصٌ، فالأصل في المعاملات الجواز، إلا ما ورد النص على تحريمه، ولذلك تجد أن الأحاديث الواردة في أمر المعاملات: هي أشبه ما تكون بالقواعد العامة التي يستفيد منها الناس، وهذا من تيسير الله تعالى على عباده، فإن ربك تعالى حكيمٌ عليم، علم أن الزمان سوف يتغير، وسوف يستحدث الناس ألواناً كثيرة من البيوع والمعاملات والاتفاقات، وألوان التصنيع وغير ذلك مما لم يأتِ به نص، فجعل ثمة قواعد كلية عامة تقول للمسلم: هذه الأمور حلال، لأن الأصل فيها أنها حلال إلا ما استثني من ذلك أو دل الدليل على منعه، وتجد أن أمور المعاملات غالب الأحاديث الواردة فيها تتكلم عن أنواع المكاسب، وعما ورد النص على تحريمه، مثل: بيع الرجل على بيع أخيه، أو بيع المعدوم، أو بيع المجهول، أو الربا، أو ما أشبه ذلك مما ورد النص على تحريمه.