التطبيق لمبادئ وأحكام الإسلام

إذاً: ليس الإسلام أحلاماً طائرة، ولا أمثلةً خيالية، ولا دعواتٍ لا رصيد لها من الواقع، كما هي النظريات المنحرفة، حيث رفعت الشيوعية -مثلاً- شعار العدل والمساواة، فلم نجد إلا أنها ساوت الأغنياء بالفقراء، وجعلتهم جميعاً يعيشون حالةً من العوز والفقر دون مستوى الإعدام، ورفعت كثيراً من الدعوات شعار الحرية، فلم نجد في حقيقتها إلا أنها سحقت الناس، وصادرت حرياتهم، وقضت على إنسانيتهم، وجعلتهم أمثال البهائم والدواب، وزجت بهم في غياهب السجون، وشهدت الأمة العربية والإسلامية من ذلك الشيء الكثير، فالدعوات والأحزاب التي حكمت في بلاد الإسلام شرقاً وغرباً باسم البعثية والاشتراكية والقومية والناصرية والديمقراطية والحرية ماذا جنت منها الأمة الإسلامية؟ جنت الفقر والذل والجهل والهوان والعبودية والقضاء على إنسانية الإنسان، وجنت الهزائم المتتابعة حيث أن الأمة لا تحسن شيئاً كما تحسن الهزائم على يد أولئك القادة الذين شرقوا بها وغربوا، ولكنهم لم يتجهوا بها إلى الكعبة، ولم يقولوا: ربنا الله ثم يستقيموا.

لم تكن دعوة الإسلام دعوةً نظرية ترفع شعاراً وتطبق غيره، بل كان الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم -وهو يتكلم- يطبق في واقع الحياة، فيقِيْدُ حتى من نفسه، فإن طلب أحدٌ القصاص من شخصه الكريم نفذ عليه الصلاة والسلام.

فقد كشف بطنه يوماً من الأيام لرجل من الصحابة اسمه سواد بن غزية: {وقال استقد يا سواد! -أي: خذ حقك- فأكب على النبي صلى الله عليه وسلم يقبله، ويقول: يا رسول الله! حضر ما ترى من أمر الحرب فأحببت أن يكون آخر العهد بك، أن يمس جلدي جلدك} .

وسرقت امرأة من بني مخزوم، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حِبَّه وابن حِبهِّ، فكلمه أسامة بن زيد، فغضب الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: {أتشفع في حدٍ من حدود الله، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد صلى الله عليه وسلم يدها} .

وقد كسفت الشمس، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقام عليه الصلاة والسلام وقال: {إنهما لا تنكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، وإنما يخوف الله تعالى بهما عباده} إنه بشرٌ رسول، يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، هابه رجل من الأعراب، فاضطرب، فقال: {هَوّن عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة} فهو يأكل مع أصحابه، ويشرب ويجلس وينام معهم، حتى يأتي الرجل الغريب لا يعرف النبي صلى الله عليه وسلم من غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015