كان ثمة رجل لا يولد له إلا البنات, وكثيرًا ما كان الناس يتضايقون من هذا, ويتبرمون منه، وينسون أن البركة ربما تأتي مع البنت, والعون الرباني ربما يصاحبها, وأن الله تعالى قد يرزقك بسببها, قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري: {أبغوني ضعفاءكم! هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم؟!} والمرأة والبنت من الضعفاء, فالمؤمن الحق يفرح بميلادها, ويهلل ويكبر, ولو لم يكن من ذلك إلا مخالفة عادات الجاهلية الأولى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} [النحل:58-59] فلو لم يكن من الفرح بالبنت إلا مخالفة عادات الجاهلية الأولى وإعلان الرضا بما كتبه الله تعالى وقَدّره وقضاه, لكان ذلك خيراً.
ويكفيك أن تعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل بنته فاطمة رضي الله عنها, وكيف فرح بها، وكيف فرح ببناته الأخر, وكيف كان عليه الصلاة والسلام يظهر لهن من الود والحب والعطف ما لا يخطر على بال.