كان ثمة رجل لا يولد له إلا البنات، فضاق بذلك ذرعاً، وهدد زوجته إن أنجبت هذه المرة أنثى أنه سيطلقها أو يتزوج غيرها ما لـ أبي حمزة لا يأتينا يقيم في البيت الذي يلينا غضبان ألا نلد البنينا تالله ما ذلك في أيدينا وما منحناه فقد أعطينا وذهبت زوجته إلى المستشفى وهي في كرب شديد, ولاحظ الأطباء على وجهها علامات الإعياء والإرهاق, وعلى قسماتها آثار حزن عميق طويل, فسألوها: ما الخطب؟ فتمنعت, ثم ألحوا عليها فأخبرتهم, فقال أحد الأطباء: أنا له، وانتظر الزوج طويلاً حتى قدم, فقال له: أبشر! فقد رزقت بولد, فتهلل وجه الزوج وفرح وأشرق, ثم قال: ولكنه مصاب بعَتَهٍ وتخلف عقلي بسبب نقص في الدماغ, ومصاب بالتشوه الجسماني, ففي يديه كذا, وفي وجهه كذا, وفي بطنه كذا, وفي ظهره كذا, وفي عينه كذا, وفي أذنه كذا, ثم طفق يصبّره ويرضّيه بقضاء الله تعالى وقدره, فانهلّت من عين الأب دمعتان، وقال: ما هذا إلا بسبب عدم رضائي بقضاء الله تعالى وقدره, حينما سخطت البنات, والله لو لم يكن نسلي إلا بنات فلن يرى الله تعالى مني بإذنه إلا الرضا والفرح والسرور! فقال له الطبيب: إذاً هوّن عليك, فإنما رزقك الله تعالى ببنت كاملة سوية، ليس فيها ما ينقص أو يعاب, فاستغفر الله تعالى وعرف عظيم نعمة الله تعالى عليه, حين يرزقه ولداً سوياً سليماً معافىً من الآفات والأمراض والنقائص العقلية أو الجسمية.
وإنما تعرف النعمة بفقدها.
والضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء