أما العلاج الآخر فهو: أن يعرف أن الله تبارك وتعالى قال عن كيد الشيطان، وهو يذكر على لسان إبليس وكيده للإنسان، أن الشيطان كان يقول: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:17] .
فقال: من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، أي: من كل طريق يسلكه الإنسان، فالشيطان يقعد له بطريق الإسلام، بطريق الهجرة، بطريق الجهاد، بكل طريق يسلكه، ولكن المقصود في هذا الموضع، أن الشيطان ذكر اليمين والشمال، والأمام، والخلف، ولم يذكر الفوق، ما قال (ومن فوقهم) لماذا؟ لأنه يعرف أن الله فوقه، وأنه لا يستطيع أن يحول بينهم وبين الله عز وجل، وبينهم وبين رحمة الله تبارك وتعالى، ولذلك فالمبتلى بالوسواس أو بغيره، إذا سأل الله عز وجل بصدق قلب، وإقبال وحرارة فإن الله عز وجل لا يرد من قرع بابه في صدق: لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يُسأل يَغضب فمن سأل الله بصدق وإقبال فإن الله عز وجل لا يخيبه أبدا، ولذلك ما قال الشيطان: من فوقهم؛ لأنه يعرف أن الله عز وجل قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وليعلم الموسوس أن الانطراح بين يدي الله عز وجل هو مفتاح الشفاء لهذا المرض ولغيره، بل ولأمراضه الحسية والجسدية.
ومن ذلك أن يعلم الموسوس أن الله رحيم بعباده، هذه مهمة جداً فالشيطان لا يحول بينك وبين رحمة الله، فإذا قال لك الشيطان: إنما أنت فيه من الدين؛ فتذكر أن الله عز وجل لا يريد أن يشق على عباده ولا أن يهلكهم بهذه الأشياء، وإذا قال لك الشيطان: يمكن أن تموت على الكفر بهذه الوساوس والشكوك؛ فتذكر أن الله عز وجل عليم بعبادة {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء:147] فالله عز وجل يريد أن يرحم عباده {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185] .