الوسوسة في الطهارة والمياه

أما النوع الثالث من أنواع الوسوسة: فهو الوسوسة في الطهارة والمياه وغيرها، فتجد الإنسان إذا قضى حاجته تعب في ذلك أشد التعب، فهو بعدما يتبول يبدأ بهذه البدع المنكرة من نتر الذكر، ونفضه، وسلته، ليخرج ما فيه، ثم تفقده لينظر إن كان بقي شيء من البول في رأس الذكر في مخرج البول، ثم بالتنحنح ليخرج ما بقي من قطراته، ثم بالقيام، والمشي، ثم بالقفز، ثم بعضهم يضع له حبلاً يتعلق فيه، ثم ينزل إلى الأرض بسرعة، ثم بعضهم يأتي ببعض من القطن فيحشو به ذكره، لئلا يخرج منه شيء، ثم يعصبه بعصابة، والعياذ بالله! ثم يركض، ويمشي، ويصعد الدرج حتى يطمئن إلى أنه لن يخرج شيء منه، وهذه عشر أو إحدى عشرة بدعة وقع فيها هؤلاء الموسوسون أثناء قضاء الحاجة مع أن البول كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا استُدْعِي در، وإذا تُرِك قر.

فالإنسان إذا استدعاه ربما لو جلس ساعات طويلة لخرج منه في الوقت بعد الوقت قطرة أو قطرتان، لكن إذا تركه بقي في مكانه لم يخرج، هذا في قضاء الحاجة.

ثم إذا أراد أن يتوضأ، بُلي بالمياه والوسوسة في المياه والشك فيها واحتمال نجاسة الماء أو أن يكون وصل إليه قطرة أو قطرات من البول، أو أن يكون خلت به امرأة، أو أن يكون أو أن يكون، ويضع مئات الاحتمالات لهذا الماء الذي بين يديه أن يكون تنجس، أو تلوث، ثم إذا اطمأن إلى الماء أتى بماء كثير جداً، وربما يكون عدداً من القرب، وربما يتوضأ به الفئام من الناس، فيبدأ يتوضأ، ويعرك أعضاءه مرة بعد أخرى، حتى إن بعضهم ليجلس في الخلاء الساعتين والثلاث ساعات والعياذ بالله محروم من ذكر الله عز وجل، في هذا المكان الذي هو مأوى الشياطين وربما فاتته الجماعة، بل ربما خرج وقت الصلاة وهو على هذه الحالة، ثم إذا توضأ بعد العرك، والفرك، والدلك والتعب والجهد الجهيد، أتى للنوع الرابع من الوسوسة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015