الهوان على الله

أما التاسعة: أفلا ترى أن وقوعك في هذه الذنوب وولوغك فيها، ربما أدى إلى هوانك على الله عز وجل، وسقوطك من عينه! لقد هنَّا على الله إن عصيناه، كما قال بعض السلف: هانوا على الله فعصوه، ولو عزُّوا عليه لعصمهم من المعصية، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18] قال الإمام عبد الله بن المبارك: رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوءٍ ورهبانها وقال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} [فاطر:10] لقد هنت على الله؛ فهُنت على خلقه، فكم لقيت من الأذى والإهانات، وعدم الاعتبار، وأنت تتحمل ذلك كله، أما تذكر يوم كنت داعيةً بالأمسِ أو شبه داعية، أو طويلبَ علمٍ، فقد كان يؤذيك مسح النسيم، ويجرح قلبك الكلام الخشن، أما اليوم فقد تكسرت النصال على النصال، وما أدري أي خطبٍ دهاك، فأنت جبار في الجاهلية خوارٌ في الإسلام! يوم كنت داعية كنت لا تتحمل في سبيل ذلك الأذى، أما اليوم فتحملت الكثير دون مقابل، إنها الذلة، قال صلى الله عليه وسلم: {وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري} وقال الحسن البصري رحمه الله: [[إنهم وإن هملجت بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال، إلا أن ذل المعصية في وجوههم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه]] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015