ب- القسم الثاني: أسئلة تتعلق بالسؤال عن بعض الكتب.
السؤال الأول منها يسأل عن بعض الكتب في التفسير:
Q يقول: ما هي أهم الكتب التي يمكن أن أقرأها في التفسير؟
صلى الله عليه وسلم كتب التفسير كثيرة جداً، وغالب هذه الكتب ينقل بعضها عن بعض، ويعتمد بعضها على بعض، ففيها تكرار كثير.
إضافة إلى أن كتب التفسير ينحو كل كتاب منها منحى.
فمن كتب التفسير من يهتم مثلاً بالفقه كتفسير القرطبي، ومنها ما يهتم بالأحكام ككتب الأحكام، أحكام القرآن لـ ابن العربي، وأحكام القرآن للجصاص، و"أحكام القرآن للكيا الهراسي، وغيرها من كتب الأحكام، وقريب منها كتاب الشيخ الشنقيطي أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن" فإنه يعنى بآيات الأحكام ويختارها، ولا يفسر كل الآيات.
ومن كتب التفسير ما يهتم باللغة العربية كتفسير أبي حيان، ومنها ما يهتم بنشر العلوم الدنيوية وذلك كالطب مثلاً، أو الرياضيات، أو غيرها من العلوم، ومن هذه الكتب كتبٌ متقدمة، وذلك كما في الكتب التي تهتم بالعقليات كتفسير الرازي، ومنها الكتب المتأخرة ككتاب طنطاوي جوهري الذي يصح فيه ما يصح في كتاب الرازي، أن فيه كل شيء إلا التفسير! فيه هندسة وفلك وكيمياء وفيزياء ورياضيات وعلوم حديثة، إلا التفسير فلا يوجد فيه.
ومنها كتب تفسير منحرفة تهتم بنشر عقائد، كتفسيرات الشيعة، وهي كثيرة جداً، وكتفسير الزمخشري الكشاف فإنه كتاب وإن كان مهماً من حيث اللغة، ومؤلفه إمام في اللغة، إلا أنه ملأه بالاعتزاليات، ودسها فيه بطريقة ذكية، حتى أنها لا تكاد تستخرج منه إلا بالمناقيش.
أما الكتب المختارة التي يمكن أن يعتمد عليها طالب العلم باختصار، فقد رأيت الاقتصار منها على ثلاثة أو أربعة: أولها "تفسير الطبري" فإنه إمام المفسرين، وهو يروي بالأسانيد، ويذكر الأقوال في الآية، ويستطرد في ذلك، فإن جميع المفسرين من بعده لا يسعهم الاستغناء عنه، بل هم يعتمدون عليه، وهو كتاب تفسير فذ في بابه.
وأنصح طالب العالم على الأقل إن لم يقرأه أن يجعله ضمن المراجع التي يرجع إليها إذا احتاج إلى تفسير آية، فإنه كتاب جامع، ومؤلفه من أهل السنة والجماعة، ومن أصحاب العقيدة السليمة النقية، وله في ذلك رسالة صغيرة عقيدة الإمام الطبري ذكرها الإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة وقد طبعت في رسالة مستقلة.
فهو ممن يوثق باعتقاده، وهذا ظاهر أيضاً في تفسيره، وبعض الذين اختصروا تفسير الطبري فقدوا هذه الميزة فأدخلوا فيه بعض المعاني المنحرفة في العقيدة.
الكتاب الثاني: هو تفسير ابن كثير "تفسير القرآن العظيم" لمؤلفه الحافظ ابن كثير؛ وهو أيضاً يتميز بميزات مهمة: أولها: أنه لخص أحسن وأجمل ما في تفسير الطبري.
الثاني: أنه يهتم بإيراد الأحاديث النبوية؛ وذلك لأن ابن كثير رحمه الله محدث من الطراز الأول، فيروي من المرويات والأحاديث في تفسير كل آية ما يبصر القارئ بمعناها، وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها، وقد يتعقب بعض الأحاديث التي يذكرها.
الثالث: أنه يختار الأقوال الجيدة في تفسير الآيات، فلا يهتم فقط بإيراد الأقوال، بل يورد الأقوال، ثم يختار قولاً منها، وغالباً ما يكون اختياره موفقاً.
الميزة الرابعة: أن مؤلفه أيضاً من أهل العقيدة الصحيحة، ومن أهل السنة والجماعة، وقد استفاد واستنار كثيراً بعلم الإمام البحر الحافظ الجهبذ الشيخ الإمام ابن تيمية رحمه الله فكان أحد تلاميذه، فهذا كتاب فذ، وإذا كان لابد من الاختيار بينه وبين تفسير الطبري، فأرى أن يقتصر الطالب على تفسير ابن كثير وهو أربعة مجلدات من السهل أن يقرأه الإنسان، ليس فيه صعوبة.
من الملحوظات على "تفسير ابن كثير" أو من أبرزها، أنه قد يكثر من إيراد الإسرائيليات، وهذا مما ضخم حجم الكتاب، إضافة إلى أن تفسير القرآن بهذه الإسرائيليات مما لا يسوغ، وبعضها مما ظاهره أنه يعارض القرآن، أو يعارض بعض السنة الصحيحة.
فهذا مما يعاب على الكتاب، وقد يورد أحاديث ضعيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وربما موضوعة أحياناً، وإن كانت قليلة، والغالب أن الإمام ابن كثير يتعقب هذه الروايات.
الكتاب الثالث: كتاب لأحد العلماء المتأخرين اسمه عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير، للشيخ المحدث العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله من محدثي أرض الكنانة مصر، وعمدة التفسير هو عبارة: عن اختصار لـ ابن كثير.
وقد قرأته بكامله وإن كان لم يكمل الكتاب، بل وصل فيه إلى نصف القرآن، أو تجاوز ذلك، وأظنه وصل إلى سورة الرعد ثم وقف، أو قريباً من ذلك.
المهم أن المؤلف -رحمه الله- توفي قبل أن يتم الكتاب، وقد طبع وهو يباع في المكتبات، لكن القدر الذي لخصه من تفسير ابن كثير في الواقع أنه لخصه تلخيصاً بديعاً جميلاً لا مزيد عليه؛ حذف الإسرائيليات، واقتصر على الروايات الصحيحة، وحافظ على عبارة ابن كثير، فلم يتصرف فيها، فجاء الكتاب نافعاً ولو تم لكان فيه غناء عن كثير من الكتب، ولعل الله عز وجل يوفق بعض طلبة العلم الذين عرفوا بصفاء العقيدة والقوة في علم الحديث النبوي، أن يكملوا هذا الكتاب، حتى يكون كاملاً بين أيدي الناس.
هذه ثلاثة كتب.