طريقة اتخاذ الموقف الشرعي

النوع الثاني: الذي نريده وهو الموقف الشرعي السليم المتعقل: أولاً: ينظر للمجتمع نظرة معتدلة فيرى المنكرات موجودة وفي مقابلها يرى خيراً وصلاحاً في المجتمع، فهو معتدل النظرة حتى حين يسمع أخباراً تبقى عنده في نطاق ضيق، ما وصلت إلى حد تصبح شيئاً يلوث البيئة العامة وظاهرة مفسدة للناس عموماً.

الأمر الثاني: بالنسبة للموقف السليم المعتدل أنه بناءً على هذه النظرة المتوازنة تتصرف الأخت المسلمة تصرفاً سليماً، وذلك عن طريق الدخول في الميادين المباحة كلها والمشاركة فيها والتغيير من خلالها، فينبغي أن تدخل الفتاة المتدينة الداعية الواعية إلى التعليم، تتعلم، وتعلم، وتواصل في الدراسات العليا، وإدارة جمعيات خيرية، ومناسبات، ورسائل وصحف، ومجلات، وهي تستطيع أن تكتب فيها وترد وتدافع، فكل هذه الوسائل الآن التي أصبح الأعداء يستخدمونها في حرب الإسلام، ينبغي للأخوات المتدينات أن يبدءن في التفكير فيها، بدلاً من كون مهمتهن تتوقف عند الشكوى بأن المدرسة الفلانية فيها كذا، والمكان الفلاني فيه، والجريدة الفلانية قالت كذا، وهذا شكوى إلى من؟ هذه الأمور لا تنضبط، تبين أن مجرد الشكوى لا تجدي شيئاً؛ لأن بعض الناس الذين لا خلاق لهم ولا غيرة قد يكونوا تسللوا إلى بعض هذه المواقع وأصبحوا لا يلتفتون إلى هذه الشكاوى، وقد يفسرونها على أنها طبقة من الناس عندهم نوع من التشدد أو ما أشبه ذلك، أو لا يفهمن حقائق الأمور وبالتالي جاءت الشكوى منهن، فيوجد هذا أحياناً في مؤسسات كثيرة.

لكن الحل الحقيقي العملي الناجح، هو أن نقول للمتدينات الصالحات الغيورات على الدين اتركن من قضية الشكوى والكلام الطويل، ينبغي أن تنزل الفتاة للساحة وتعمل على تغيير الواقع من خلال موقعها كمدرِّسة أو كمديرة أو كموجهة أو كمرشدة، أو كمشرفة أو كمسئولة في جهاز معين أو قطاع معين من أي قطاعات المجتمع، أو مناسبة أو وليمة أو حفلة أو تجمع طالبات أو نشاط أو في صحيفة أو إذاعة مدرسية مثلاً أو تأليف الكتب وما أشبه ذلك.

المهم ننزل في الميادين التي بدأ الشر يأتينا منها، ونحاول أن نعمل على تغييرها؛ لأن هذه الميادين ميادين حيادية، بمعنى أنه يمكن أن يقوم عليها إنسان طيب وصالح فتتحول إلى مجال للخير، والهداية، والإصلاح واستقبال البنات وتربيتهن، ويمكن أن يليها أناس ليس عندهم دين ولا غيرة فيحولونها إلى ضد ذلك.

إذاً: ينبغي أن نناقش في تلك الميادين ولا ينبغي للفتاة أن تعتبر أن مهمتها تنتهي عندما تتزوج، وتهتم بزوجها، وبأطفالها، وهذا غاية ما تريد وتترك أمر الناس وتنسى أننا في الواقع بحاجة إلى داعية معروفة.

الآن مثلاً لما تقرئين في الكتب المعاصرة في مصر وغيرها من البلاد التي انتشر فيها موضوع تحرير المرأة تجدين أسماء عديدة من النساء اللاتي تبنين حملة دعوة تحرير المرأة ومزقن الحجاب، وفعلن وفعلن، وموجود في البلاد المجاورة والمحيطة وفي بلادنا أسماء معروفة، فلماذا لا يوجد بين الصالحات من يكون لها نشاط إسلامي قوي واضح تعرف به سواء كانت داعية، أو مجاهدة، أم آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر، أو ترد على المنحرفين بالأسلوب المناسب، وتكتب، وتنشر، وتحاضر، وتتحدث، وتقوم بدور في مجالها العلمي القريب والبعيد؟ ونحن بأمسِّ الحاجة إلى أن نفكر جيداً في أن هذا هو السبيل العلمي الحقيقي لتغيير المنكرات، أما كوننا بعيدين وننتقد، ونقول: حصل في المكان الفلاني كذا، وحصل في الوليمة الفلانية كذا، وحصل في المناسبة الفلانية كذا الخ.

هذا أمر لا يغني شيئاً، وليس بصحيح أن كون مثل ذلك الأعرابي الذي كان في الجاهلية فجاءه اللصوص وأخذوا إبله، فبدأ يشتمهم وأخذوا الإبل وتركوه؛ لأنهم لا يهمهم أن يشتمهم فيقول: أوسعته شتماً وأودى بالإبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015