دور الصحوة الإسلامية

مع ذلك فهناك الجانب الآخر لابد من الإشارة إليه، وهو قضية الصحوة التي أصبحت تنتشر خاصة في أوساط الفتيات من الطالبات في المدارس المتوسطة، والثانوية، والجامعية، والمعلمات وغيرهن، أصبحت هناك صحوة تكتسح الساحة الآن، وميزة الصحوة أنها هداية عن علم ومعرفة وتعمد، وليست بمجرد الوراثة أو التقليد، بل يحصل ذلك عن اختيار، وقد تكون -مثلاً- المرأة لم تجد في البيت تربية سليمة، بل قد تكون انحرفت وقتاً من الأوقات، لكنها بعد ذلك اهتدت إلى الله عز وجل، وأقبلت على الدين عن وعي وبصيرة ومعرفة، وأصبحت تتمسك به وتدرك فضله وأهميته وتدعو إليه.

وهذه الصحوة الآن ظاهرة، لا يجادل فيها أحد من المسلمين أو الكفار، بل الكفار الآن هم أكثر الناس تخوفاً منها، والتقارير الغربية من أمريكا وبريطانيا وغيرها تصدر يومياً من مراكز بحوثهم ودراساتهم عن هذه الصحوة وخطرها والخوف منها، وأنها تهدد مخططاتهم في القضاء على المسلمين، وتحويل الأمة الإسلامية إلى مجرد سوق لمنتجاتهم وأفكارهم وعقائدهم وبضائعهم.

فالصحوة الآن ظاهرة لا يستطيع أحد أن يتجاهلها بحال من الأحوال، وهي بفضل الله تعالى، وصحيح أن الدعاة والمخلصين والعلماء لهم جهود كبيرة لا يمكن أن تنسى؛ لكن جهودهم كان من الممكن أن تضيع، ولكن الله عز وجل بارك في جهودهم وسددها، ووفق إلى أن يستمع الناس إلى نذيرهم وصياحهم ودعائهم وندائهم، حتى وجدت هذه الصحوة الإسلامية المباركة في أوساط الرجال وفي أوساط النساء، وهذا من الخير الموجود في المجتمع.

وفي مقابل ذلك تجدين في المجتمع منكرات كثيرة سائدة، بعضها مستقر وبعضها الآن يأخذ طريقه إلى الاستقرار، هذه المنكرات السائدة قد تكون موروثة أحياناً في بعض الأسر أو في بعض المجتمعات، وليس بالضرورة في كل مجتمع، فهناك مجتمعات معينة الرجل فيها قد يخلو بقريبته، ويعتبر هذا أمراً عادياً، وقد ينظر إليها، وقد لا يكون هناك تستر كافي في بعض بيئات البادية وفي بعض المناطق الأخرى.

وهناك منكرات -أيضاً- استقرت في البيوت، وكثيرٌ من البيوت يوجد فيها -مثلاً- أجهزة هدم وتخريب ويوجد فيها أفلام، ويوجد فيها كتب وروايات سيئة، ومجلات سيئة، وكذلك تساهل وتسامح في العلاقات الاجتماعية، فهذا نوع من المنكرات الموجودة، وهي منكرات متوارثة بين الناس اشتهرت واستقرت.

وهناك منكرات في طريقها أو تحاول -لا نتفاءل ولا نتشاءم- لكن تحاول أن تكون في طريقها إلى الاستقرار، فهناك لاشك من يحاول غزو المجتمعات الإسلامية في كل مكان، فهناك من يتمنى أن تظهر المرأة المسلمة سافرة، ويعتبر أن هذا الحجاب سجن -مثلاً- للمرأة، وهو يريد أن يستمتع بالمرأة وهي سافرة وقد حسرت عن وجهها وشعرها ونحرها وذراعيها، بل يتمنى ما هو أشد من ذلك {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} [النساء:27] والمنافقون خلف المؤامرة كلها، يسعون بجهودهم ليلاً ونهاراً لتحقيق هذه المقاصد.

وهناك من يتمنى أن يحدث الاختلاط بين الأولاد والبنات في المدارس وفي الجامعات وغيرها، حتى يستمتع بشهوته ومراده على ما يحب دون حسيب أو رقيب من الناس.

وهناك من يحاول أن يوجد الاختلاط في أوسع من إطار التعليم، هناك منكرات يحاول الكثير من المغرضين فرضها على الأمة الإسلامية من خلال وسائل الإعلام، وأجهزة التعليم، والمناهج التعليمية، والعلاقات بين طبقات المجتمع، ومن خلال إشاعة أخلاقيات معينة، وهذا النوع الجديد من المنكرات غالبها أو كثير منها منظمة مدروسة يقف خلفها -كما أشرت قبل قليل- أجهزة ومؤسسات وبيوت يديرها غالباً أناس يتعمدون هذا الأمر، وقد يكونون من المنافقين الذين بليت بهم الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وصنعهم الاستعمار وغرسهم في البلاد الإسلامية حتى يقوموا بالمهمة بالنيابة عنهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015