هذه الأمة لا يمكن أن تأخذ لبوساً غير لبوسها، ولا أن تلبس ثوباً غير ثوبها، فكل تعاليم الشرق والغرب، وكل حضارات الدنيا، وكل أنظمة البشرية من القومية والاشتراكية والشيوعية والبعثية وغيرها لا يمكن أن تصلح لها ولا أن تصلحها؛ لأنها أمة خلقت للإسلام وكلفت به، وهي التي سوف تحمله، وهو الذي سوف ينهض بها، فإذا تخلت الأمة عن الإسلام، فغيرها أجدر وأحرى ألا يقوم به، كما قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: [[والله يا معشر العرب! إن لم تقوموا بهذا الدين فغيركم أحرى بألا يقوم به]] .
لا تنتظر أبداً أن أمم الأمريكان، أو أمم الروس، أو أمم الشرق، أو أمم الغرب هي التي سوف تحمل هذا الدين، وإن وجد من هذه الأمم من يدين بالإسلام، ووجد من يتحمس للإسلام، ووجد من يدافع عن الإسلام، والأمر كما قال الله جل وعلا: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام:89] لكن أيضاً هذه بلاد الإسلام، وهذه أمم الإسلام، وهذا أمر معلوم ظاهر لا يشك فيه من له معرفة بالتاريخ، ولا من له معرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من له معرفة بسنن الله جل وعلا.
حتى حينما تقرأ ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم مما يقع في آخر الزمان من الفتن، والمحن، والشدائد، والملاحم الكبيرة، تجد أن موقع هذه الملاحم هي بلاد العرب، وهذه الجزيرة العربية بالذات، وما حولها كبلاد الشام وبلاد اليمن، وفلسطين، وما جاورها من بلاد الإسلام.
وتجد أن القبائل العربية هي التي تقف في وجه الزحوف الكافرة، حتى زحف المسيح الدجال الذي يقف وراءه النصارى واليهود والوثنيون والمرتدون، وهو فتنة عظيمة، فلا يقف في وجه هذا السيل الكاسح إلا أهل هذه البلاد بقيادتهم الراشدة المهدية التي يبعثها الله سبحانه وتعالى في ذلك الوقت.
إذاً لا تتصور أن يوماً من الأيام سوف يأتي تكون فيه الدول الشرقية أو الغربية تحمل هذا الدين أبداً.
هذا الدين نزل للبشرية كلها، ولكن اقتضت حكمة الله تعالى وعدله ورحمته أن تكون هذه الأمة هي الأمم التي استحفظت كتاب الله عز وجل، وشريعته ودينه، وكلفت به، وكلما انحرفت عنه يمنة أو يسرة سلط الله تعالى عليها ضربة في وجهها أو في رأسها تردها إلى الطريق المستقيم.