معنى كلمة مطوع

Q فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد.

فإن هناك بعض الشباب هداهم الله يقول الشباب عنهم كلمة (مطوع) أو يقولوا (متشدد في الدين) فأرجو تبيين المدلول الصحيح لكلمة مطوع أثابكم الله؟

صلى الله عليه وسلم التطوع هو: أن يفعل الإنسان أمراً ليس ملزماً به، أما الذي يؤدي الصلاة -مثلاً- فلا يسمى متطوعاً بهذا العمل إلا إن كانت نافلة، وإلا فهو يؤدي واجباً، ولو لم يصلّ لما كان مسلما أصلاً، وهكذا من يؤدي الزكاة، أو من يحج بيت الله الحرام ممن يجب عليه، لا يسمى متطوعاً بهذا، بل يعتبر قد أدى واجباً لا تبرأ ذمته إلا به، ومدلول السؤال هو أن هناك من الشباب من يسخرون بالمتدينين من الشباب.

وأحب أن أقول: إن التدين في الشباب وفي غير الشباب الآن أصبح ظاهرة تفرض نفسها على القريب والبعيد، والعدو والصديق، وأقول: بكل سرور هذا الكلام يقال؛ لأن الإنسان يجد أينما ذهب، وأينما توجه، وأينما دخل، يجد الناس قد أقبلوا على هذا الدين بحمد الله، كباراً وصغاراً، وحتى من الناس الذين كان لهم تاريخ أسود من الجرائم، والمنكرات، والانحرافات، قد عادوا إلى الله عز وجل عودة صحيحة قوية، وأصبحت تجد في كل مكان أناساً يتمسكون بالدين، ليس على سبيل التقليد والمحاكاة للآباء والأجداد، وليس على سبيل أنهم مجرد سذج، لا.

بل أناس يتجهون إلى الدين بوعي وإدراك، وتصميم ويقظة، وأصبحوا يفرضون احترامهم على الجميع والحمد لله، وهذه نعمة تدلنا على أن الله عز وجل قد أراد بهذه الأمة خيراً، وأراد بهذا الدين خيراً، وهي مصداق لما وعد الله عز وجل ولما وعد الرسول صلى الله عليه وسلم من رفعة شأن هذا الدين.

ولذلك أقول: لم يعد المجال مجال سخرية من المتدينين، إلا من بعض السفهاء، الذين وصفهم الله عز وجل بقوله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة:9] أو وصفهم بقوله: {قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} [التوبة:64] أو وصفهم بقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا} [التوبة:65-66] .

فالإنسان -وأرجو أن تنتبهوا لهذا الحكم جيداً حتى لا نقع في الخطأ- أو كل من يسخر من متدين؛ لأنه متدين، يكون كافراً بهذا العمل، لأن هذا من نواقض الإسلام، فلو وجدت إنساناً مصلياً في المسجد فضحكت منه وسخرت منه، ليس لأنه فيه عيب خلقي، وليس؛ لأنه فقير، وليس لأن ثوبه ممزق، ولكن لأنه مصلي، ففي هذه الحالة من يفعل ذلك يكفر ويخرج من الملة، ويجب عليه أن يتوب ويتشهد ويدخل في الإسلام من جديد، أما لو سخر بالمتدين لأمر آخر ليس للتدين، وإنما سخر منه لقضية أخرى، نفترض أن المتدين رسب في الامتحان فسخرت منه لرسوبه في الامتحان مثلاً، أو لأنه عنده -مثلاً- عيب في لسانه وحبسة وعدم قدرة، أو أي أمر آخر، ففي هذه الحالة: لا نقول إن الساخر يكفر، ولكن نقول إنه قد عرض نفسه لغضب الله عز وجل، بل عرض نفسه لحرب الله تعالى، قال الله عز وجل في الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قال الله تعالى-: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب} فربما يكون هذا الذي سخرت منه وعاديته ولياً من أولياء الله، لأن أولياء الله ليس عليهم علامات أو سمات إلا الخير والتقوى والصلاح والإيمان {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:63] فيمكن أن يكون هذا سخرت منه وعاديته ولياً من أولياء الله، فعرضت نفسك لسخط الله وعقوبته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015