حقيقة الفطرة

Q ما مدى صحة من قال: بأن الفطرة التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم: هي البحث عن معبود؟

صلى الله عليه وسلم هذا من الفطرة، فالفطرة -كما لعلي أشرت- فطرة ظاهرة، وفطرة باطنة: أما الفطرة الظاهرة: يمثلها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {عشر من الفطرة -كما في الحديث الذي رواه مسلم، وذكر الختان، والاستحداد، وحلق العانة، ونتف الإبط، وانتقاص الماء، والمضمضة، وإعفاء اللحية، وقص الشارب} .

فهذه من الفطرة الظاهرة، التي الإنسان بأصل فطرته يميل إليها؛ لأنها من كمال الإنسان ومما يحبب إلى الناس، ويجعل الألفة بينهم قائمة على أساسٍ سليم والشرائع كلها جاءت بتكميل هذه الفطرة، ورسم المنهج الصحيح لها.

والفطرة الثانية: هي الفطرة الباطنة: وهي ميل القلب إلى معبود كما أشرت، وهذا أمرُُ فطري، والله عز وجل يقول: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [يس:60-61] .

فالإنسان لابد عابد، إما للشيطان أو للرحمن، يقول الله عز وجل: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [مريم:93] ويقول: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} [مريم:95] .

فالإنسان عابد بلا شك، ولو تُرك الإنسان وفطرته لاهتدى إلى الله عز وجل، والشرائع، والديانات السماوية جاءت لتزكي هذه المعرفة تُزكي معرفة الإنسان بالله عز وجل؛ فتجعله يؤمن بالله، ويعرف الله حق المعرفة، ويعبد الله حق العبادة؛ والشيطان والمجتمع المنحرف يحاول أن يصرف الإنسان عن هذه الفطرة؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: {فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه} .

ولذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: أن في القلب شعثاً لا يلومه إلا الإقبال على الله، وفقراً لا يغنيه إلا التوجه إلى الله عز وجل؛ وأن العبد إذا لم يُقبل على الله تبارك وتعالى؛ فإن قلبه يتشعب في أودية الدنيا وفجاجها، فلا يبالي الله به في أي وادٍ هلك؛ ولذلك الإنسان إذا ترك دينه؛ أصابه من الأمراض النفسية مالا يعرفه بها إلا من عاشره!! نسأل الله السلامة، وأشد الناس شقاءً وتعاسة في الدنيا، هما الملحدون، والعياذ بالله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015