ثم العقوبة {فقد آذنته بالحرب} حربٌ من الله، نعم الله تعالى يعلن الحرب على هؤلاء، كما أعلن الحرب على أكلة الربا، والربا من أكبر الكبائر، كما في القرآن الكريم: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279] فهذه من الذنوب العظمى التي توعد الله تبارك وتعالى عليها بإعلان الحرب على من يفعلها.
كل من يعادي أولياء الله، كل من يعادي الطيبين والصالحين، كل من يعادي العلماء والدعاة، فإن الله تعالى يؤذنه بحرب، ما صورة هذه الحرب؟ حرب حقيقة قد تأخذ صورة الحرب الاقتصادية، فيسلط الله تعالى على هذا الإنسان، أو على هذه الأمة، أو على هذه الدولة من ألوان الضعف الاقتصادي ما يجعل اقتصادها ينهار إلى الحضيض، ويجعلها في قائمة الدول التي تستدين، ويقل دخل الفرد فيها يوماً بعد يوم، بعد أن كانت قبل ذلك من الدول الغنية الثرية، هذه صورة من صور الحرب.
ومن صور الحرب -أيضاً- أن الله تعالى يسلط على هذا الفرد المعادي لأوليائه، أو على هذه الجماعة، أو على هذه الأمة، أو الدولة التي تحارب أولياء الله بعض جنده في الدنيا، حتى قد يسلط عليها من هو من الكافرين، أو من هو من الضالين الفاسقين، أو قد يسلط عليها بعض جنده المؤمنين، فيضطهدونهم ويأخذون بعض ما في أيديهم، ويضيقون عليهم في أمورهم كلها.
وقد يسلط الله تبارك وتعالى عليهم من ألوان المصائب والآفات، وألوان الجرائم، وأنواع العصابات، كما نجد أن كثيراً من الدول مهددة مثلاً بحرب ما يسمى (حرب المخدرات) وكثيراً من الدول مهددة بألوان الجرائم التي أصبحت تهدد تلك المجتمعات، وكثيراً من الدول مهددة بالأمراض الفتاكة المهلكة التي عجز الطب عن علاجها وشفائها، كل هذه ألوان من حرب الله تعالى لمن يعادي أولياءه ويناصبهم العداء، فأي طاقة للإنسان في محاربة الله تعالى فيسلط عليه كل ما في الكون {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:31] فكل ما في الكون هو جند من جند الله تبارك وتعالى، إذا أمره الله تعالى بشيء امتثل، فكيف تتصورون -أيها الأحبة- حرب الله تعالى لأعدائه ولمن يحارب رسله، أو يحارب أتباع رسله وأولياءه وأنصار دينه؟!