وهناك نقطة أخرى، أننا نجد لدى بعض الناس على كافة المستويات بدون استثناء، اعترافاً مجملاً بالنقص أو التقصير، فليس غريباً أنك تجد إنساناً ما سواء أكان عالماً، أم حاكماً، أم داعية، أم تاجراً أم أي شيء آخر، قد تجد أن من السهل أن يقول هذا الإنسان: أنا بشر، أو نحن لسنا بمعصومين، أو قد يقول: نحن جميعاً عرضة للخطأ لكنه يقف عند حد هذا الاعتراف المجمل الغامض المبهم، فلا ينتقل من هذا الكلام العام إلى تشخيص الأخطاء، وتحديد هذه الأخطاء وما هي؟ والاعتراف بها، وهذه الأخطاء ونوعياتها وعيناتها، ومن ثم السعي إلى التصحيح، نعم، نحن نقول: لم يدَّعِ أحد لك - مثلاً - أنك ملك، حتى تقول: أنا بشر، ولم يدعِ لك أحد أنك نبي أو رسول حتى تقول: إنك لست بمعصوم، كل الناس يعرفون أنك بشر، وأنك إنسان، وأنك لست بمعصوم، وأنك عرضة للخطأ، وكل إنسان يعترف بهذا، بل ربما أقول: إن كثيراً من الناس -وهم بصدد تجاهل الأخطاء، والدفاع عنها، ومحاولة إظهارها، وإلباسها بثوب الصواب- تجد أنهم يبتدئون حديثهم بقولهم: لسنا معصومين، نحن بشر يخطئ ونصيب، نحن عرضة، نحن كذا، نحن كذا، ثم بعد ذلك ينتقل إلى محاولة فلسفة الأخطاء، وتحويلها إلى نوع من الصواب؟ وبناءً عليه نقول: هذا الاعتراف الغامض المبهم بأنك بشر، أو لست بمعصوم، أو عرضة للخطأ، هذا الاعتراف لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا ينفعنا في قليل ولا في كثير.