المسلمون والنقد

أمر ثالث: إننا -أيها الأحبة- نملك تراثاً إسلامياً عظيماً، بل نملك -قبل هذا التراث الإسلامي العظيم من تاريخ الأمة- تاريخ الرسول عليه الصلاة والسلام، وتاريخ الصحابة رضي الله عنهم، وتاريخ الخلفاء المؤمنين الصادقين، وتاريخ العلماء العاملين الداعين إلى الله على بصيرة.

قبل هذا نملك منهجاً إلهياً ربانياً، وضح لنا كيف نتعرف على الخطأ في أنفسنا وفي غيرنا، وكيف نقوم بتصحيح هذا الخطأ، سواء كان هذا خطأنا نحن أم كان خطأ الآخرين -كما سوف تأتي الإشارة إلى شيء من ذلك - والمؤسف جداً أن هذا المنهج الذي هو في أصله منهج إسلامي ينبثق من هذا القرآن الكريم، ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أن الغرب أفاد من هذا المنهج على الأقل في الناحية الدنيوية، فأرسوا قواعد النقد بين الحاكم والمحكوم، ووضعوا أسسه وضوابطه، سواء في المجال الإعلامي، أم في المجال العلمي، أم في المجال السياسي أم غيرها، بحيث أصبح كل فرد منهم يعرف كيف ينتقد، وكيف يوجه، وكيف يشارك برأيه في كل قضية صغرت أم كبرت، جلت أم عظمت، فأصبح كل إنسان منهم يحس أنه يشارك مشاركة فعالة في إدارة دفة المجتمع، وفي تصحيح الأخطاء، وفي توجيه الناس، أفادوا من المنهج الإسلامي من الناحية الدنيوية، أما المسلمون، فإن كثيراً من المنتسبين إلى الإسلام أقرب ما يكونون -وأقولها مهما كانت ثقيلة على لساني- أقرب ما يكونون إلى سلوك المنهج الفرعوني، الذي يقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:29] ومن الصعب جداً على كثير من الناس اليوم، ممن ينتسبون إلى هذا الدين أياً كانوا، سواء كانوا من أصحاب النفوذ والسلطان، أم كانوا من العلماء، أم كانوا من الدعاة، أم كانوا من عامة الناس، فمن أصعب الأمور على الواحد منهم أن يصغي أذنه لتقبل نقداً أو ملاحظة، فضلاً عن أن يوافق على ذلك أو يسعى إلى تصحيحه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015