قدم الصراع بين الحق والباطل

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:18-19] .

عباد الله! إن تاريخ الحياة البشرية منذ آدم عليه الصلاة والسلام إلى اليوم، هو تاريخ الصراع بين الحق والباطل، ولقد مضى اليوم من عمر البشرية كثير، كما دلت على ذلك النصوص، بل إن هذا العمر قد ذهب معظمه وبقي أقله، قال الله عز وجل: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر:1-2] وقال سبحانه: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء:1] وقال: {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [الأعراف:187] إلى غير ذلك من النصوص والآيات.

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما في الصحيح: {بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى} مشيراً إلى أن بعثته صلى الله عليه وآله وسلم، كانت من علامات قُرب الساعة، ودنو القيامة، وقرب نهاية هذا العالم الدنيوي.

وإذا أدركت ذلك، ثم التفت إلى الوراء لتقرأ في تاريخ الأمم والشعوب كلها، لوجدت أن معظم هذا التاريخ، لم يكن تاريخ الصراع على المرعى، ولا كان تاريخ الصراع بين القبائل، ولا كان تاريخ العُشاق الذين ذهب الواحد منهم يضرب البحار والفيافي والقفار بحثاً عن معشوقته كلاَّ!! وإنما كان تاريخ الصراع والحرب بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والإيمان والكفر، والنبوة والشرك، هذا هو التاريخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015