السؤال يقول: فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: نجد بعض الشباب كثيراً ما يتخلون عن مسئوليات، ويظهر منهم الملل في أقرب وقت، مع أنه قادر على أن يوكل إليها، فسرعان ما ينزوي وينفرد بنفسه ويمشي وينفر يده من كل شيء، فما رأيك في هؤلاء وما نصيحتك لهم؟
صلى الله عليه وسلم الحقيقة أن هذا المشكلة التي يتحدث عنها السائل قائمة، ولا بد من معرفة الأسباب التي تدعو إليها، قد يكون السبب -مثلاً- شعور الشاب -أحياناً- بأنه قد فاته شيء ما، فيستيقظ بشكل مفاجئ، ويحرص على تدارك الأمر الذي فاته.
مثلاً: يكون الشاب مشتغلاً بالدعوة إلى الله عز وجل صارفاً وقته لذلك، ثم تفاجأ يوماً من الأيام بأنه قد ترك الدعوة إلى الله، وقال: أنا أريد أن أطلب العلم الشرعي، الناس قد حصلوا العلم ووصلوا منه إلى كذا وكذا، وأنا ضاع عمري في الذهاب والإياب، ولم أحصل على شيء، وهذا مظهر من مظاهر فقدان التوازن.
فالإنسان مطالب -أصلاً- بأن يحرص على أن يكون متوازناً، وألا يلهيه القيام بالدعوة عن العبادة، ولا عن طلب العلم الشرعي، ولا عن القيام بحقوق الأهل، ولا غير ذلك، ثم على الإنسان حين ينتبه إلى أنه قصر في مجال من المجالات، أن يحرص على استدراكه بطريقة تدريجية، ولذلك قال بعض السلف: من ظن أنه سيحصل العلم كله في يوم وليلة فهو مجنون.
الإنسان الذي يعتقد أنه سوف يحصل على العلوم، ويصبح شخصاً مشاراً إليه مرموقاً في العلم، نافعاً للناس خلال فترة وجيزة مخطئ في حسابه، أما إن كان السبب الداعي إلى الإنزواء سبباً آخر غير هذا، فلا بد من معرفته حتى يمكن معالجته.
وعلى كل حال فكم من إنسان يندفع بدافع حماس الشباب، وطفرة الشباب، ثم إذا تقدمت به السن بعض الشيء، وارتبط ببيت وزوج وأهل ومسئوليات وعمل، أصابه فتور وملل وتأخر، والمنة على من وفقه الله للاستمرار، ورزقه العزيمة الصادقة، والصبر على المبدأ والاستمرار على الطريق.