لعل من أوائل الدول التي سقطت في أيدي العلمانيين تركيا، التي كانت في يوم من الأيام مركزاً للحكم، وكان المسلمون يذعنون لحكمها في بلاد الأرض، فسقطت تركيا في أيدي العلمانيين، كيف سقطت؟ سقطت نتيجة الكفاح كما يقال أولاً بين الهلال والصليب، وهذا تعبير من النصارى يعبرون به عن الصراع بين الإسلام والنصرانية، يقول رئيس الإرساليات التنصيرية الألمانية: إن ثمار الكفاح بين الصليب والهلال لا تؤتي أكلها في البلاد البعيدة ولا في مستعمراتنا في آسيا وأفريقيا، بل ستكون في المراكز التي يستمد الإسلام منها قوته، وينتشر وينبثق منها، سواء كانت في أفريقيا أو في آسيا، وبما أن الشعوب الإسلامية التي نواجهها تولي وجهها نحو الأستانة وهي يومئذٍ عاصمة تركيا وعاصمة الخلافة- فإن المجهودات التي نأتي بها لا تأتي بفائدة إذا لم نتوصل إلى قضاء رغباتنا في مركز الخلافة وعاصمة المسلمين، هكذا يقول، ولذلك عمل النصارى بالتعاون مع إخوانهم اليهود على إسقاط الخلافة العثمانية، فاندس فيها أمثال مدحت باشا وهو يهودي، كان له دور كبير في الخلافة العثمانية، حتى إنه ساهم أحياناً في إسقاط خليفة ونصب خليفة آخر والمصادقية على الدستور، وكان ينادي بإتاحة الحريات وتبين فيما بعد كما قال السلطان عبد الحميد قال: تبين أنه كان ينادي بالحريات له ولقومه من اليهود ولحزبه وطائفته، ولا ينادي بالحريات الحقيقية للناس كلهم أجمعين، ولذلك كان اليهود يتربصون سقوط الخلافة حتى ينفذوا مخططاتهم في فلسطين، حتى أنهم أعلنوا الإسلام كما هو معروف في يهود الدونمة، وتغلغلوا في الخلافة بالطريقة التي سوف أتحدث عنها الآن.
مدحت باشا هذا هو يهودي، كان الغربيون يسمونه في أوروبا أبا الحرية، لماذا؟ لأنه كان ينادي بالحرية، ويطالب بالمصادقة على ما يسمونه بالدستور، الذي يضمن حقوق الأقليات، يضمن حقوق اليهود في التمتع بحرياتهم كما يشاءون، داخل ستار وراية الدولة العثمانية.