العلمانية تريد حكم الجاهلية

هذه العلمانية التي إن حكمت فبحكم الجاهلية قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50] فهي تعتقد أن أمر الناس لا يجتمع ولا يصلح وينضبط إلا بحكم الجاهلية المستورد من شرق البلاد أو غربها، حيث أصبح دعاة العلمانية متسولين على موائد الشرق والغرب، لا يحسنون إلا التقليد، شأن إخوانهم من القرود، فينقلون لهذه الأمة تعاسة الغربيين أو الشرقيين، بحجة التقدم والتطور والمدنية، هذه الجاهلية التي إن دعت إلى التحديث والتطوير، فإنما تدعو إلى التغريب والتخريب والانحلال، باسم حرية الفرد، أو باسم حرية المرأة التي لو أنصفوا لسموها فوضى.

حرية زعموها واسمها لغة فوضى وسيان جاءوا الحق أم جاروا إن هذه الحرية لو سموا الأشياء بأسمائها الحقيقية لسموها تبرج الجاهلية الأولى {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33] ولو أنصفوا لسموها نعرة الجاهلية التي لم يكن يحكمها دين ولا خلق ولا نصح.

هذه الجاهلية التي إن درست الاقتصاد درسته على ضوء أنظمة ومفاهيم الجاهلية الأولى، التي أبطلها النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته الشهيرة في حجة الوداع، حين كان يستمع إليه ما يربو على مائة وعشرة آلاف من المؤمنين، فكان صلى الله عليه وسلم يقول: {إن ربا الجاهلية كله موضوع، وأول رباً أضعه ربا العباس بن عبد المطلب} فأصبحت هذه الجاهلية أو العلمانية تحيي ما اندرس من أمر الجاهلية الأولى، وتدرس شئون الاقتصاد على ضوء أنظمة الجاهلية العربية الأولى، وعلى ضوء أنظمة الجاهلية العالمية المعاصرة، فتجعل الربا أساساً لا بد منه في الاقتصاد، وكأن الاقتصاد لا يقوم إلا على الربا!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015