أبو حامد الغزالي بين ذاميه ومادحيه

Q فضيلة الشيخ: ما رأيك في كتب أبي حامد الغزالي، حيث وإني وقعت في ريب إذا قرأت بعض الكتب التي تمدح هذا الرجل وتثني عليه كثيراً، وتجعله من العلماء الأفذاذ، وبالمقابل رأيت كُتَّاباً ألفوا في هذا الرجل ذماً، حتى لقد أوصلوه إلى الزندقة والكفر، فتحمست وقرأت في هذا الكتاب ووقعت في حيرة كبيرة فأرشدونا أثابكم الله؟

صلى الله عليه وسلم صحيح أن كتب أبي حامد الغزالي، بل شخصية أبي حامد الغزالي مثار لجدل كبير في القديم والحديث، والكلام فيها في القديم معروف، وفي الحديث أذكر مثلاً أنني قرأت كتاباً عن أبي حامد الغزالي والتصوف وهو كتاب ضخم، حط فيه الكاتب من قدر أبي حامد الغزالي، وبين مثالب عظيمة عليه، وبالمقابل اطلعت على بحث آخر للدكتور يوسف القرضاوي حول أبي حامد الغزالي وشخصيته، وقد حاول المؤلف أن ينصف أبا حامد الغزالي من وجهة نظره الخاصة بطبيعة الحال، أما رأيي الخاص في كتب أبي حامد الغزالي، فإن كتب أبي حامد الغزالي فيها الغث والسمين، فإنه قد قرأ الفلسفة وتأثر بها تأثراً كبيراً، وإن كان ألف كتاب تهافت الفلاسفة، لكنه كما يقول عنه أبو بكر بن العربي: إنه ابتلع الفلسفة ولم يستطع أن يتقيأها.

فهو في نظري كشأن محمد إقبال الذي درس في أوروبا ودرس العلوم الغربية ثم جاء وقال: إنني قد خرجت من تلك العلوم كما خرج إبراهيم من نار النمرود.

وهذا التشبيه غير صحيح، فإنك تجد في تراث محمد إقبال، وخاصة كتاب: تجديد الفكر الديني في الإسلام، الذي ترجمه عباس محمود العقاد؛ تجد فيه انحرافاً كثيراً في التصور العقدي عند محمد إقبال، وقل مثل ذلك في عدد من كتبه الأخرى.

وأبو حامد تأثر بالفلسفة، وهذا أمر ظاهر في تراثه.

هناك أمر آخر هو أن أبا حامد الغزالي التزم بالعقيدة الأشعرية وكتبها في كتبه، بما في ذلك إحياء علوم الدين.

أمر ثالث: أن أبا حامد الغزالي كان ضعيف البضاعة في السنة النبوية كما يقول عن نفسه، ولذلك كثيراً ما يستشهد بأحاديث ضعيفة وبل موضوعة، وخاصة في كتاب إحياء علوم الدين، وقد تعقبه الإمام الحافظ العراقي في كتاب خرج فيه الأحاديث التي استشهد بها أبو حامد الغزالي، وعنوان هذا الكتاب: المغني عن حمل الأسفار -أي: الكتب في الأسفار -في تخريج ما في الإحياء من الأحاديث والآثار، وهذا الكتاب طبع عدة طبعات.

وبقراءة المغني تدرك ضعف بضاعة الغزالي في الحديث النبوي، وكذلك بعض كلام الغزالي في الإحياء يتوجس الإنسان منه خيفة، وبالمقابل فـ للغزالي إشراقات وحكم، واستنباطات، وغوص في المعاني في هذا الكتاب لا يكاد يوجد في غيره من الكتب، خاصة في قضايا التربية والتصنيف والمفاضلة بين الأشياء وما شابه ذلك.

فإذا كان الباحث ذا قدرة على التمييز والنقد، فلا بأس أن يقرأ هذا الكتاب، وإلا فمن الممكن أن يقرأ بعض المختصرات التي اختصرت هذا الكتاب، منها مختصر منهاج القاصدين، أو كتاب القاسمي، أو غيره من المختصرات المعاصرة، وإن كان المختصر لا يقوم مقام الأصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015