السؤال يقول: نحن نعتقد أن لبس العباءة والطرحة مزعج وغير ملائم، عندما نذهب لشراء بعض ما نحتاجه، فلماذا نرتديها؟
صلى الله عليه وسلم يجب أن نعلم أن المسلم إذا اقتنع بالإسلام، وأنه هو الدين الحق الذي أنزله الله عز وجل على رسوله، اقتنع بهذا الأمر قناعة عقلية صحيحة، فحينئذٍ العقل يقتضي أن يسلم هذا الإنسان بكل ما جاء به الإسلام؛ لأنه ما دام العقل دلك على أن الإسلام هو الدين الصحيح، فحينئذٍ عليك أن تأخذ هذا الدين الصحيح جملةً وتفصيلاً؛ لأنك مؤمن ومقتنع بأن الذي وضع هذا الدين -وهو الله عز وجل- أعلم من خلقه وأدرى منهم بمصالحهم، ولذلك وضع هذا النظام.
أما بالنسبة لغير المسلم أو غير المسلمة، فبشكلٍ عام الإنسان إذا أقام في بلد، فإن من المعلوم أنه يجب أن يلتزم بنظام هذا البلد، مهما يكن شاقاً عليه ومكلفاً، لسبب وهو: أنه باختياره رغب أن يقيم في هذا البلد؛ لمصلحةٍ معينة يراها، فحينئذٍ عليه أن يلتزم بجميع ما تقتضيه نظم هذا البلد وتعاليمه، ويلتزم مثلاً بنظام المرور، ويلتزم بالنظام العام الاجتماعي، وبالنظام الأخلاقي، ويلتزم بالنظام الاقتصادي، ويلتزم بنظام العمل، ويلتزم بكل شيء يقتضيه هذا البلد.
أرأيت لو أنك ذهبت إلى بريطانيا، هل يسعك أن تقول: يزعجني أن أسير في الشوارع بطريقة مخالفة عما هو موجود في بلاد العالم الأخرى، فيكون النظام معاكساً لذلك، فيكون الذاهب يأخذ جهة اليسار، هذا لا يمكن أن يقوله أحد؛ لأن هذا هو نظام البلد، ويجب على كل من دخل البلد أن يلتزم به، وهكذا الأمر فيما يتعلق بلبس العباءة والطرحة وغيرها، فإنها نظامٌ عام.
أما حين ننظر إلى فوائدها وإيجابياتها، فهي مفيدة للمرأة كما هي مفيدة للرجل، أما أنها مفيدة للمرأة: فهي تجعل المرأة مثل الدرة الثمينة، الصدفة المحفوظة، التي لا يمكن للناس أن يتبادلوها ويتلاعبوا بها، فهذه الدرة المحفوظة، تحفظ صيانةً لها وتكريماً لها من عبث العابثين، وكذلك الإسلام وضع للمرأة هذا الحجاب؛ ليحفظها عن أعين الفضوليين، والناس الذين ليس لهم هم إلا النظر في وجوه النساء.
ناحية ثانية: المرأة حين تكون زوجة تحب ألا ينظر زوجها إلى من هي أجمل منها، وحينئذٍ فإن في وجود هذا الحجاب وهذه العباءة، فرصة للمرأة ألا يرى زوجها وجوه النساء الجميلات، فيذهب إليهن ويرغب عنها إلى غيرها، وكذلك هي مفيدة للرجل؛ لأنها تحفظ عليه طاقته، وتجعله يصرف هذه الطاقة فيما هو منتج ومفيد، بدلاً من أن يضيعها في النظر إلى هذه المرأة وإلى تلك، ومفيدة للرجل؛ لأن الرجل قد ينظر إلى امرأة فيعجب بها ويتعلق بها ويحبها، وهذا الرجل له زوجة، وهذه المرأة لها زوج، وحينئذٍ قد تكون هذه النظرة سبب في هدم بيوت، وفي تعاسة عدد من النساء، وعدد من الرجال، ولذلك حسم الإسلام مادة هذا الأمر من أساسه، وأمر المرأة بأن تحتجب وأمر الرجل بأن يغض بصره.
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.