الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء والمرسلين

Q لماذا محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول الذي يمجد من بين الرسل؟ وما هي إنجازاته؟

صلى الله عليه وسلم هذا السؤال يفترض أن الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الرسول الوحيد الذي يحبه المسلمون، والواقع أن المسلمين يختلفون عن غيرهم من أصحاب الديانات في هذه الناحية، فنحن -المسلمين- نعتبر أن من كفر بموسى صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لا يدخل الجنة أبداً، ونعتبر أن من كفر بعيسى صلى الله عليه وسلم فإنه لا يدخل الجنة أبداً، ومن كفر بداود أو سليمان أو بإدريس أو بإسماعيل أو بغيرهم من أنبياء الله ورسله، فإنه لا يدخل الجنة أبداً، وكذلك من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فإنه لا يدخل الجنة أبداً، لا يدخل الجنة إلا من آمن بجميع الرسل، ولذلك يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة:285] فنحن نحب الرسل جميعاً عليهم الصلاة والسلام، ونحترمهم جميعاً، والرسول صلى الله عليه وسلم، جاء مجدداً للعقيدة والتوحيد الذي جاء به أولئك الرسل، ومجدداً للتشريعات والأحكام، ومغيراً لما أمر الله عز وجل بتغييره من تفاصيل الأحكام، وناسخاً لها، ولذلك فإن المسلمين يمدحون جميع الرسل، ويحبونهم ويمجدونهم ويعتبرونهم أفضل البشر على الإطلاق، ولكن هذا لا يمنع أن يقول المسلمون أيضاً: إن الرسول صلى الله عليه وسلم واحدٌ من هؤلاء الرسل بخلاف ما ينكره اليهود والنصارى، حيث ينكرون بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ويجحدونها، وأيضاً يقول المسلمون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل وأفضلهم، والدليل على ذلك أن جميع الرسل جاء بعدهم من ينسخ شرائعهم، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فشريعته باقية لم تنسخ، ولم يبعث نبيٌ بعده صلى الله عليه وسلم ينسخ شريعته، بل ولن يبعث نبيٌ إلى قيام الساعة.

من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم ومميزاته: أنه جاء بهذا القرآن، الذي هو معجزة باقية إلى أن يشاء الله، هذا القرآن الباقي، هو معجزة باقية للرسول صلى الله عليه وسلم، يتحدى الله سبحانه وتعالى البشر كلهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن في بلاغته، وفي إعجازه، وفيما فيه من الحق، وفيما فيه من التأثير، وفيما فيه من العلم، وهذه معجزة باقية للرسول صلى الله عليه وسلم.

أما إنجازات الرسول صلى الله عليه وسلم: فإن من أعظم إنجازاته صلى الله عليه وسلم أنه بلغ هذا الدين الذي أمره الله تعالى بتبليغه كاملاً، لم يُنقص منه شيئاً، وحفظ الله هذا الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم على يد أصحابه، فما زال المسلمون اليوم يعرفون أدق تفاصيل هذا الدين، وعن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حد أنهم يعرفون الأشياء الشكلية في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، يعرفون كم عدد الشعرات البيض في لحية الرسول صلى الله عليه وسلم، يعرفون شكل الرسول صلى الله عليه وسلم، يعرفون مقدار طوله ولون بشرته، وشكل ثيابه صلى الله عليه وسلم، وماذا كان يلبس على رأسه، وكيف كان يفعل في داخل بيته، حتى مع زوجاته صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يفعل في خارج البيت، وكيف كان يفعل في المسجد، وفي السوق وفي الحرب وفي السلم، وفي جميع التفاصيل لا تزال مضبوطة بوثائق ومستندات لا يرقى إليها شك، وهذا بخلاف ما هو حاصل بالنسبة للأنبياء الآخرين، فقد نسي الناس سيرتهم وتفاصيل حياتهم، ولا يذكرون منها إلا معلومات قليلة، وهي معلومات ظنية غير مؤكدة ولا مجزوم بها، بل بعضها أشياء مكذوبة لا تليق بهؤلاء الأنبياء، فهي تحط من قدرهم وتصورهم كما لو كانوا بشعين مثلاً، أو أصحاب شهوات أو شراب خمور، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي يتنزه عنها الإنسان الفاضل فضلاً عن النبي المصطفى المختار المبعوث من عند الله تعالى، فهي أشياء اختلقها اليهود، ولفقوها وألصقوها في شخصيات الأنبياء حتى يشوهوا صورتهم أمام العالم، أما الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا تزال سيرته نقية واضحةً معروفة.

ومن إنجازاته: أنه بلغ هذا الدين بهذه الصورة الكافية المحفوظة، ومن إنجازاته صلى الله عليه وسلم: أنه جمع الأمة التي آمنت به على هذا الدين، وجعلهم أمةً واحدة، مهما تكن جنسياتهم وألوانهم من السود والبيض، من العرب والحبش والفرس وغيرهم، جميعهم إخوة متحابون متآخون، يساعد بعضهم ويعاون بعضهم بعضاً، يتصدق غنيهم على فقيرهم، ويتكافل هؤلاء فيما بينهم، ثم أقام بهم الإسلام نظاماً ودولة، وظلت دولة الإسلام قائمة ترفع شعار هذا الدين وتدعو إليه، وتحارب الدول التي تمنع الناس من الدخول في الإسلام، حتى يتمكن الناس بحرية من قبول الإسلام أو عدم قبوله، وفي حالة عدم قبولهم الإسلام، فإن الدولة الإسلامية تطلب من الناس أن يدفعوا مبلغاً بسيطاً من المال، مقابل أن تقوم الدولة الإسلامية بحفظهم وحمايتهم من الأعداء وكفالتهم في حالة كبرهم وعجزهم عن الكسب، وعدم وجود من يعولهم.

ومن إنجازاته صلى الله عليه وسلم: أنه قضى على سائر ألوان الانحراف الموجود في الحياة البشرية، الانحراف الاجتماعي، والاقتصادي والديني، وجعل للناس ميزاناً حقيقياً يرجعون إليه، ألا وهو هذا القرآن الذي أنزله الله تبارك وتعالى عليه، ونقله الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحاديثه المنقولة عنه بدقة وضبط كما سبق بيانه.

وكفاه صلى الله عليه وسلم فخراً وشرفاً، أنه مع كل ما عمل لم يدّع لنفسه شيئاً ليس له، بل كان يعاتب الناس إذا مدحوه مدحاً مبالغاً فيه: {جاء رجل إليه وقال: يا رسول الله، ما شاء الله وشئت، فقال له: أجعلتني لله نداً؟! قل: ما شاء الله ثم شئت} وقال صلى الله عليه وسلم: {لا تطروني -أي لا تبالغوا في مدحي، وترفعوني فوق منزلتي- كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبد الله ورسوله} إلى غير ذلك من الأشياء التي تدل على تواضعه وزهده، وبعده عن التكبر والعلو في الأرض صلى الله عليه وسلم، وكان يعرف للأنبياء السابقين حقهم وقدرهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: {لا ينبغي لأحدٍ أن يقول إني خيرٌ من يونس بن متى} ، ويونس هو أحد أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، فنهى الرسول عليه الصلاة والسلام أن يفضل أحدٌ بين الأنبياء تفضيلاً يقصد منه الحط من قدر بعضهم، وإلا فالأنبياء -كما في القرآن الكريم- قد فضل الله بعضهم على بعض، ورفع بعضهم درجات، ولكن كلهم في منزلة سامية وتفضيل بعضهم على بعض، ليس لأن بعضهم عنده نقص أو انحطاط في منزلته، بل لأن الله عز وجل رفع بعضهم درجات، فكلهم فضلاء، وكلهم أنبياء، وكلهم مختارون من عند الله عز وجل، فالذي يفضل بين الأنبياء وقصده أن يحط من قدر نبي، أو ينسب إليه شيئاً من النقص، يخطئ في ذلك، وإنما الصواب أن الأنبياء كلهم فضلاء وأنبياء ومختارون، والرسول صلى الله عليه وسلم أفضلهم وهم بعضهم أفضل من بعض، لكن لا يعني ذلك انحطاطاً في رتبة أحدهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015