Q من هو النبي محمد؟
صلى الله عليه وسلم النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، من قبيلة قريش العربية، التي كانت تسكن في مكة، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، ولد النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وقد مات أبوه قبل أن يولد، ثم ماتت أمه وهو طفلٌ صغير فكفله جده، ثم مات جده فكفله عمه أبو طالب.
في مطلع حياة هذا النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً فاضلاً محسناً إلى الناس، حريصاً على إيصال الخير إليهم، وكان لا يشارك أهل الجاهلية في الأعمال السيئة التي يقومون بها، من الرقص والغناء، وشرب الخمر والفساد وغير ذلك، فكان لا يشارك في هذه الأعمال ولا يقر بها، ثم بدأ هذا النبي صلى الله عليه وسلم، يخرج إلى جبلٍ قريب من مكة، فيقيم فيه يتعبد ويصلي ويذكر الله عز وجل فترةً طويلة، ثم نزل عليه الوحي وهو في هذا الجبل، في هذا الغار الذي هو غار حراء، فجاءه الملك من عند الله عز وجل، على غير انتظار منه صلى الله عليه وسلم، ففوجئ بنزول الملك عليه، فقال له الملك: اقرأ اقرأ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب لحكمةٍ يعلمها الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما أنا بقارئ -أي لا أحسن القراءة- فضغطه الملك، ثم أرسله وقال: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، فضغطه الملك مرة ثانية، حتى بلغ منه الجهد، ثم قال: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ -أي لا أحسن القراءة- في المرة الثالثة قال له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1-5] ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات إلى زوجته خديجة، وهو يرتجف من الخوف ويقول: دثروني دثروني -أي غطوني غطوني- فضمته خديجة إليها، وقالت له: أبشر يا ابن أخي، فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم وتقرئ الضيف وتعين على نوائب الحق، وتحمل الكَلّ، ثم ذهبت به إلى رجلٍ نصراني في مكة، اسمه ورقة بن نوفل، فأخبره بما رأى، وقد أصاب النبي صلى الله عليه وسلم الخوف من ذلك، فقال له: ورقة بن نوفل: هذا هو الناموس الذي أنزل على موسى عليه السلام، هذا جبريل وأنت نبي، ويا ليتني أكون حياً إذا يخرجك قومك، فإنني حينئذٍ أنصرك نصراً مؤزراً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وهل سيخرجني قومي من بلدي؟! قال: نعم، ما جاء رجلٌ بمثل ما جئت به إلا عودي وحورب، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً} .
وهكذا بدأ يتنزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً فشيئاً حتى مكث بمكة ثلاث عشرة سنة، وهو يدعو إلى الله، ويلقى منهم الأذى والصد والتكذيب والسخرية والعناد، حتى أن منهم من يأتي إليه وهو ساجد فيضع القذر على ظهره، ومنهم من يبصق في وجهه، ومنهم من يضع التراب على رأسه، ومنهم من يؤذيه بألوان الأذى، وهو يقابل ذلك كله بالصبر؛ حتى أذن الله له بالهجرة إلى المدينة المنورة، فهاجر بعد ثلاث عشرة سنة من بعثته صلى الله عليه وسلم، واستقبله المؤمنون هناك، ومكث في المدينة عشر سنوات يدعو إلى الله عز وجل، فآمن به أهل المدينة إلا اليهود والمنافقون، وبدأ الإسلام ينتشر في أنحاء الجزيرة العربية، ثم بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يواجه الكفار والمشركين، الذين آذوه وحاربوه، بالقتال والحرب، حتى يتمكن الناس من معرفة الحق من الباطل، وقبول الدين بدون أن يكون هناك أحد يمنعهم من ذلك، أو يضغط عليهم بتركه، فقاتل المشركين في معارك كثيرة، منها: معركة بدر، ومنها: معركة أحد، ومنها: معركة الخندق أو الأحزاب، ومنها معركة فتح مكة وغير ذلك من المعارك، وكان النصر حليفه في معظم هذه المعارك، بل في جميع هذه المعارك إلا في معركة أحد، حيث خالف أصحابه أمره، فأصابهم الله عز وجل بالهزيمة، تربيةً لهم على طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما مات أو قبل أن يموت صلى الله عليه وسلم دانت الجزيرة العربية كلها للإسلام، بل وبدأ الإسلام ينتشر خارج أصقاع الجزيرة العربية، وواصل أصحابه من بعده حركة الدعوة إلى الله والفتوح، حتى خضعت لهم معظم أنحاء المعمورة في ذلك العصر، والملاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يطلب في ذلك كله شيئاً لنفسه، بل كان رجلاً متواضعاً بعيداً عن التكلف والكبرياء، متواضعاً سهلاً قريباً من الإنسان، لمّا رآه عبد الله بن سلام -وهو يهودي- قال: لما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وجاءه يوماً أعرابي، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ارتعد من التوقير والإجلال للرسول صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {هون عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة} .
وكان يمازح أصحابه ويحادثهم، ويكره كل مظاهر التكبر والغرور والغطرسة، وما ادعى لنفسه شيئاً ليس له، بل إننا نجد في القرآن الكريم، أن الله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام:50] وإلى غير ذلك من الآيات قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف:110] فالرسول صلى الله عليه وسلم كان بشراً رسولاً، يدعو الناس إلى ربهم، وكان يعطي الناس ولا يأخذ منهم، وكان كثير الإحسان إلى الناس والصدقة، يتصدق على الواحد منهم بمائة بعير مثلاً، أو بوادٍ من الغنم، أو بمبلغ كبير من الذهب أو من الفضة، ولا يرى في ذلك شيئاً على الإطلاق، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند رجلٍ يهودي، مرهونة بدين عند هذا اليهودي.
فهذا النبي الذي اختاره الله تبارك وتعالى نبياً ليس للعرب، بل للبشرية كلها منذ بعث، وإلى قيام الساعة، ولا يمكن أن يدخل الجنة أي إنسان لم يؤمن بهذا النبي بعد بعثته صلى الله عليه وسلم.