الحكمة من تعدد الزوجات

Q لماذا يستطيع المسلم أن يتزوج واحدة أو أكثر إلى أربع؟

صلى الله عليه وسلم الإسلام يبيح للمسلم أن يتزوج واحدةً واثنتين وثلاثاً وأربعاً، ولا يجوز للمسلم أن يزيد على أربع نسوة، وهذا صريح في القرآن الكريم: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3] ولكن بشرط العدل بينهن، ولذلك قال الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3] فإذا خاف الإنسان من عدم العدل، وغلب على ظنه أنه لن يعدل، فحينئذٍ يلزمه الاقتصار على واحدة.

أما الأسباب فهي كثيرة جداً، ولننظر في حياة الناس ونجد من الأسباب ما يلي: أولاً: عدد الرجال في كل مجتمع أقل من عدد النساء، وهذا يوجب أن يسمح للرجل أن يتزوج أكثر من امرأة؛ لئلا يبقى نساء عوانس في المجتمع.

ثانياً: الرجال عرضة للموت في الحروب والحوادث أكثر من النساء، فإذا قامت حروب أو أشياء معينة، يموت فيها الرجال بشكلٍ جماعي، فحينئذٍ تجد أنك أمام عدد كبير من النساء، وعدد قليل من الرجال، ومن الرأفة بالمرأة في مثل هذه الحال؛ أن يبيح الإسلام للرجل أن يضم إليه امرأة واثنتين وثلاث إلى أربع نسوة، فيقوم عليهن ويكفلهن ويطعمهن ويؤويهن إليه، ويحقق لهن الرغبة الفطرية الجنسية الموجودة لدى كل إنسان.

ثالثاً: في كثير من الحالات يتزوج الرجل بامرأة، ثم يشعر بأنه يحتاج إلى أخرى؛ لأن هذه المرأة لا تكفيه؛ إما لأنها عقيم لا تلد، أو لأنها ليست جميلة بل دميمة، أو لوجود عيب فيها أو لأن فيها شيئاً من سوء الخلق، أو لأنها مشغولةٌ ببعض الأشياء التي لا يستطيع معها الرجل أن يحقق ما يريده من المرأة، ففي مثل هذه الحالات الرجل مخير بين أمرين؛ إما أن يطلق هذه المرأة، ويبعدها عنه ليتزوج بأخرى، وإما أن يبقيها في عصمته ويضم إليها أخرى، وفي الغالب فإن المرأة ترضى أن تبقى في عصمة الزوج ورعايته وكفالته، ويضم إليها أخرى أو حتى ثالثة، وتفضل ذلك على الطلاق.

ولذلك أباح الإسلام هذا الأمر، وقد يقول قائل: ولماذا الطلاق إذاً؟ فنقول: إن في حالات كثيرة جداً يعلمها المجربون، أن الزواج يصل إلى طريقٍ مسدود، وإذا كانت الشركات -مثلاً- التجارية تعقد اليوم، ثم تنقض غداً بسبب تشاكس بين الشركاء في أنحاء العالم، فإن الزواج عبارة عن شركة في الحياة، فإذا كان هناك عدم وئام وعدم انسجام بين الزوجين، وهذا كثيراً ما يحدث أو نشأت مشكلات ومشاجرات، فالذي يحصل أن الزوج يطلق المرأة، فإذا كان النظام يمنع من الطلاق، فماذا يفعل الزوج؟ إنه يلجأ إلى الحيلة حينئذٍ، فقد يحتال لقتل المرأة حتى يرتاح منها، وقد يضايقها ويضطهدها ويسيء إليها بألوان الإساءة، حتى يتحقق له الفراق، وربما ترفع هي إلى المحاكم مطالبةً بالفصل بينهما، إلى غير ذلك من الوسائل التي يتقنها الناس، إذا أرادوا أن يتخلصوا من زوجاتهم.

فالإسلام -مراعاةً للناحية الواقعية في الرجل وفي المرأة- أقام بناءً أسرياً متكاملاً، الزوج يتزوج بامرأة لها حقوق على الرجل، يكلمها ويحترمها، ولا يجوز له أن يهينها، والطلاق ممكن إذا احتاج إليه الرجل، لكنه أمرٌ غير محبوبٍ في الشرع، والله عز وجل يبغض هذا الطلاق إذا كان لغير حاجة، وفي الحديث الصحيح: {إن الطلاق إنما يأمر به الشيطان} هذا إذا كان لغير سببٍ وجيه، فإذا اضطر الرجل إلى الطلاق؛ فله الحق أن يطلق حينئذٍ، حفاظاً على حياته وعلى حياة المرأة نفسها، لأن من المصلحة أن تبتعد المرأة عن الرجل في أحيان كثيرة؛ لئلا يضايقها ويضطهدها، فإذا كان يستطيع أن يبقيها في عصمته ويحفظ لها حقوقها، ويضم إليها أخرى تسد الفراغ أو النقص الموجود لدى الأولى، فقد أباح له الإسلام ذلك.

ولو نظر الإنسان نظرة معتدلة؛ لوجد أن هذا أمر طبيعي، وهانحن نجد أن كثيراً من الدول، بل جميع الدول التي تمنع تعدد الزوجات، تسمح بتعدد الخليلات، فتجد أن للرجل زوجة واحدة وله عدد كبير من الصديقات، يعاشرهن معاشرة الزوجة، ولكنه لا يلتزم نحوهن بأي التزامٍ قانوني أو اقتصادي، فهذا إهانة للمرأة وحطٌ لكرامتها، وفي مثل تلك المجتمعات، تجد المرأة معها ولدٌ واحد من صديقٍ، أو أكثر من صديق لها، ليس بزوج، ولا يلتزم تجاه هذا الولد بأي التزام، وهذه تسبب مشكلة في المجتمعات الغربية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015