النوع الأول: خلقوا للعبادة وجبلوا عليها، وهم الملائكة، ((يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ)) [الانبياء:20] والملائكة كثرة، سبع سماوات ملأى بالملائكة، {أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وفيه ملك، واضع جبهته له تعالى أو راكع أو ساجد} وقد جاء في بعض الآثار أن أهل السماء الدنيا يقولون: {سبحان ذي الملك والملكوت} وأهل السماء الثانية يقولون: {سبحان ذي العزة والجبروت} وأهل السماء الثالثة يقولون: {سبحان الحي الذي لا يموت} ذكره محمد بن نصر المروزي وغيره، المهم أنهم يسبحون، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم البيت المعمور، {وأنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة} فاحسب كم عدد الملائكة، كل يوم منذ خلقت الدنيا إلى قيام الساعة يدخل البيت المعمور سبعون ألف ملك، ما يأتيهم الدور مرة أخرى إلى يوم القيامة.
إذاً عند الله تعالى عوالم من الملائكة، التي لا همَّ لها إلا التسبيح والطاعة للرب تبارك وتعالى، فهذا الصنف الأول.
النوع الثاني: هم الذين خلقوا للعبادة، وأعطوا الاختيار، وهم الجن والإنس، كما قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29] وهذا السر سر التخيير هو سر الجزاء، ولهذا قال: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً} [الكهف:29] ثم قال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} [الكهف:31] وقال هنا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58] .