الإنفاق

Q إن هذه الأمة في هذا الزمن، وصلت إلى ذل لا يعلمه إلا الله، ومن ذلك أن أمتنا جرحها في كل أضلاع الأمة نازف، ومع ذلك يقوم بعض التجار بصرف مبالغ بمئات الدولارات، في مباراة واحدة لأحد الفريقين هل هذا جائز أم لا؟

صلى الله عليه وسلم -لا شك- أن هذا هو أحد الأمور المشكلة، أولاً: أن الناس يراعون دائماً الشيء الذي قد يكون الإنفاق فيه يرضي بعض ذوي النفوذ؛ فينفقون فيه، وهذه مأساة! وكذلك: الأمر الذي يستحب العامة الإنفاق فيه؛ فينفقون فيه فنعود لنقول: {كما تكونوا يولى عليكم} وكما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام:129] فإذا تكلمنا عن هذه الأمة، فهذه الأمة الكلام عنها بحكامها، بتجارها، بلاعبيها، بعلمائها، بدعاتها، بعامتها، برجالها، بنسائها، نحن لا نجزئ هذه الأمة، نتكلم عنها بكل أفرادها، بكل مستوياتها بكل طبقاتها وعلينا -معشر دعاة الإسلام- أن نحرص على أن نقيم الجسور مع كل الطوائف وكل الفئات، بدعوتهم إلى الله تعالى، وإصلاحهم، وإتاحة الفرصة لهم لأن ينفقوا في سبل الخير فقد رأينا الكثيرين ينفقون حتى في مجالات الخير إذا رأوا في الإنفاق نفعاً لهم دينياً أو دنيوياً، أو رأوا فيه مصلحة ظاهرة، أو رأوا أنه مشروع مناسب ومقنع فعلينا -معشر دعاة الإسلام- ألا نكتفي بمجرد النقد؛ بل أن نقدم للناس البديل الصالح من الأعمال المؤسسية، القائمة على الدراسة والتخطيط وبعد النظر، والأعمال الجماعية المدروسة، وأن نحرص على هذا وندرك أنه آن الأوان لأن نخوض في المجتمع كما خاض غيرنا.

وأقول لكم: من أسهل الأمور أن ننتقد الواقع، وقد رأيت كثيرين ممن يجيدون فن السب والعيب للواقع، فينتقدون -مثلاً- الاقتصاد؛ ولكنهم يعجزون عن إقامة مؤسسة إسلامية نظيفة، وينتقدون الإعلام؛ ولكنهم يعجزون عن أن يقدموا برنامجاً إعلامياً صالحاً مؤثراً، وينتقدون أوضاع المستشفيات؛ ولكنهم يعجزون عن أن يقوموا بعمل طبي نافع وهكذا والمثل الصيني يقول: (أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام ألف لعنة) .

إذاً: نحن ينبغي أن ننتقل من مجرد النقد والعيب والذم والتجريح المجرد؛ إلى أن نقدم للناس للمجتمع للأمة عملاً مؤسسياً نافعاً ناجحاً مدروساً في كل المجالات: في المجال الإعلامي: إعلام إسلامي يقدم الشريط شريط الكاسيت، شريط الفيديو البرنامج المفيد المجلة الكتاب النشرة الدورية إلى غير ذلك.

وفي المجال الاقتصادي: يقيم الشركة المؤسسة، بل حتى البنك الإسلامي البعيد عن شبهة الربا، ويوظف المسلمين في هذه الأعمال.

وفي مجال العمل الطبي: إقامة المستشفيات النظيفة؛ مستشفيات نسائية -مثلاً- مستشفيات بعيدة عن الحرام، مستشفيات قوية، مستشفيات متخصصة، وتوظيف هذا الكم الهائل من الأطباء في ألوان من الأعمال التي تنفع المسلمين دنيا وآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015