قيل لـ إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟! قال: [[لأنكم عرفتم الله تعالى فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول صلى الله عليه وسلم فلم تتبعوا سنته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به، وعرفتم نعم الله تعالى فلم تؤدوا شكرها، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه وتعادوه، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، ودفنتم فلم تعتبروا بذلك، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس، فبهذه الأشياء العشرة ماتت قلوبكم، فلا ينفع فيها وعظٌ ولا تذكير!!]] قال مالك بن دينار: أتيت القبور فناديتها أين المعظم والمحتقر وأين المدل بسلطانه وأين العزيز إذا ما افتخر تفانوا جميعاً فلا مخبر وماتوا جميعاً ومات الخبر تروح وتغدو بنات الثرى فتمحو محاسن تلك الصور فيا سائلي عن أناس مضوا أما لك فيما ترى معتبر أيها الغافلون عن الموت اعتبروا! قال صلى الله عليه وسلم: {أكثروا من ذكر هاذم اللذات} أي: الموت، فكل لذة في الدنيا إلى انقطاع، ولو طالت فالموت غايتها، إلا لذة العبادة، والطاعة والتقوى والدعوة والجهاد والبر والقرب من الله تعالى، فهي لذات باقيات إلى يوم المعاد.
كم من فتاة مثل ليلى وفتى كـ ابن الملوح أنفقا الساعات في الشاطئ تشكو وهو يشرح كلما حدث أصغت وإذا قالت ترنح فإذا الموت ينقض سريعاً كالعقاب ولقد قلت لنفسي وأنا بين المقابر هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائر فأشارت فإذا للدود عيث في المحاجر واختفى الحزن رهيناً بين أطباق الترابِ انظري كيف تساوى الكل في هذا المكان وتلاشى في بقايا العبد رب الصولجان والتقى العاشق والقالي فما يفترقان أدركوا أن اللذاذات سرابٌ في سراب أيها القبر تكلم أخبرينا يا رمام من هو الميت من عامٍ ومن مليون عام من هو الميت من عام ومن خمسين عام كلهم ينظر وعداً صادقاً يوم الحسابِ