يا شباب! لقد بت الليالي والأيام الماضية حزيناً مهموماً، لأنني سأخاطبكم بكلامٍ أحتاجه أكثر مما تحتاجونه، فلعمر الله إني لأحوج إلى الوعظ منكم، ولكن المودة في قلبي جعلتني أتجرع هذا الحديث إليكم، ولسان حالي يقول: يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليمُ تصف الدواء لذي السقام وذي الظنا كيما يصح به وأنت سقيمُ ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى بالقول منك وينفع التعليمُ لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ يا شباب! إنها كلمات ألقيها عليكم من غير ترقيم ولا تبويب، ولكنها -إن شاء الله- حديث الروح إلى الروح، وهتاف القلب إلى القلب، وأؤمل ألا تكون ثقيلة على مسامعكم، بل هي بستان أخضر ننتقل منه كالطائر من غصن إلى غصن، ومن زهرة إلى زهرة، وتسرح طرفك وعيونك في هذه الخضرة الكافية، والماء الجاري، والمنظر البديع.
ولقد حاولت جهدي -أيها الأحبة- أن أقدم لكم شيئاً جديداً مفيداً في هذه الكلمات واللحظات، فاعذرني أخي الشاب! إذا كان أسلوبي لا يلائمك، أو كانت بعض المعلومات غير مهمة، أو حتى غير مقبولة بالنسبة لك، فإني لا أخاطبك أنت بالذات، وإنما أخاطب شريحة من الشباب.