وقفة مع قوله تعالى: (وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً)

قال تعالى: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الذاريات:37] أي أن الله تعالى أهلك قرى قوم لوط، ولم يذكر ها هنا أيضاً كيف أهلكهم، وقد ذكر في آيات أخرى أن الله تعالى أمر جبريل فرفع قراهم ثم قلبها عليهم، وأمطر عليهم زيادة على ذلك حجارة من سجيل منضود {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ} [الذاريات:34] يعني معلمة، كل حجر فيه اسم صاحبه الذي هو موجه إليه، {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:83] هذه الآيات تلهم سنة من سنن الله تعالى، أنه حيثما وجد الانحراف والشذوذ جاء عقاب الله، فيأخذها المسلم حتى ولو كان لا يعلم من واقع العالم شيئاً، لأن هذه سنة واضحة، الذي عاقب قوم لوط يعاقب غيرهم، السنة واحدة، والطبيعة والبشر واحد، والله تعالى حكم عدل، لا يمكن أنه يعاقب قوم لوط، ويترك غيرهم دون عقاب.

انظر في واقع الناس اليوم، واقع العالم الفاسد الفاجر، في أمريكا وروسيا، وفي جنوب شرق آسيا، وفي كل مكان، حيث توجد الرذيلة الآن، ويوجد الشذوذ الجنسي بألوانه، من اللواط، وما يسمى بالجنس الثالث، إلى السحاق، إلى ألوان الانحرافات، إلى الجنس الجماعي، إلى غير ذلك من ألوان الانحراف الخلقي، التي لم توجد في الأمم السابقة والله أعلم، هل نجوا من عقاب الله؟! جاءهم العقاب نفسه فلا تغتر بالألفاظ والألقاب، الآن ما يسمى بمرض الإيدز، هذا الذي يهدد مئات الملايين من الناس، خاصة فيما يسمى بالبلاد السياحية التي تكثر فيها الرذيلة، وغالباً ما يكون هذا المرض بسبب الشذوذ الجنسي، لأن الرجل الذي مع زوجته ما أصابه هذا المرض، أصاب المنحرفين، وبصفة خاصة الشاذين، وعجز الطب عن علاجه على رغم المراكز المتخصصة في العلاج! وعلى رغم الأبحاث والجوائز، وعلى رغم الجهود الكبيرة، إلا أن هذا المرض كل يوم يفاجئ العلماء من جديد، حتى إن من آخر ما قرأت عن هذا المرض: أن أحد العلماء يقول: حير العلماء أنهم وجدوا أن مرض الإيدز يوجد في بعض الأجساد، دون أن يتمكن الأطباء من اكتشاف جرثومته، التي تكون سبباً في وجوده! يعني يجد في الأصل أن هناك جرثومة تنقل المرض، أو يكون وجوده بسببها، لكن وجدوا الآن أن هذا المرض يوجد في أجساد دون أن يعثر الأطباء أو يكتشف الأطباء هذه الجرثومة في جسد المريض! ومع ذلك لم يستطيعوا أن يعثروا له على علاج، ويقول الأطباء: أن هذا المرض إذا استمر في تزايده وتكاثره، على النسبة التي هو عليها الآن، فإنه يهدد حياتهم.

فإذا نظرت إلى أهل الإيمان والتوحيد، وجدتهم بحمد الله بمنجاة من هذا، إلا من شذ منهم وفعل ما فعله الكفار، فالعقوبة أيضاً واحدة، والله تعالى حكم عدل، فلا ينجو هذا من هذه العقوبة لأن اسمه إسلامي، أو لأنه من بلد إسلامي، ولهذا تجد هنا في هذه البلاد، تجد عدداً من المصابين بهذه الأمراض والعياذ بالله ينامون في مستشفياتها، لكنه بلا شك لم يتحول إلى ظاهرة تخيف إلى الآن، كما هو الحال في أمريكا مثلاً أو في تايلاند، أو في غيرها من البلاد، والعجيب في الأمر أن تجحد وتكتم نسب وجود هذه الأمراض، ولا أدري أي مصلحة، وأي عيب في أن تعلن وزارة الصحة أو أي وزارة في العالم الإسلامي، أن هذا البلد فيه عدد من حالات الإيدز هي كذا! لنجعل الناس ينتبهون ويستيقظون، ويتعظون، ويعتبرون، وهذا ليس ناتجاً عن تقصير بالضرورة من أحد، وإن كان ناتجاً عن تقصير فهذا التقصير ينبغي أن يتدارك ويتلافى، وإذا كنا نعطي الشباب فرصة أن يسافروا إلى هناك، ونعطيهم التخفيضات والتسهيلات، والمساعدات، ونسهل لهم الإجراءات، فينبغي أن يعدل هذا ويصحح، ويمنع شباب الأمة أن ينهمكوا في الرذيلة التي تدمرهم دنيا وآخرة، فالعقوبة واحدة، وما أصاب قوم لوط يصيب غيرهم، ليس بالضرورة حجارة تنزل من السماء مسومة معلمة لأصحابها.

المهم عقاب دنيوي عاجل من الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015