لا تجعل صلتك بولدك رسميةً فحسب

الوصية الأولى: ألا تكون صلتك بولدك صلةً رسميةً فحسب، كأنك شرطي يوجه الأوامر إلى من تحته، أو مسئول عنده مجموعة من الموظفين، لا يكن همك أن يهابك الولد فقط، فإن هذا لا يصلح أبداً، بل احرص أن تبذل لولدك الوقت، وتمزح معه، وتجعل من نفسك صديقاً له، وتحادثه في أمورك، وأن تجعل العلاقة بينك وبينه علاقة ود وحنان، وعطف، ورحمة، وشفقة، ليست علاقة رسمية فقط، تأمره ويطيع، وتنهاه فينتهي، وتتكلم فيسكت، وتظهر فيختفي، هذا لا يصلح أبداً، وإني أقول لكم أيها الإخوة: لقد حدثني كثير من الشباب، ومن الفتيات أيضاً، من بيوت صالحة، وآباؤهم صالحون، وقد يكونون من أهل الخير المعروفين المرموقين، ومع ذلك يقع الولد -أو تقع البنت- بفساد عريض عظيم والأب لا يدري! ولعل من الأسباب: هذه العلاقة الرسمية، التي تجعل الولد يبحث عن العطف والحنان والمحبة خارج البيت إذا لم يجده من والده، فيقع في أيدي قرناء السوء، الذي يجد عندهم المزاح، ويجد عندهم الدعابة، ويجد عندهم الابتسامة، ولا يزالون به حتى يجرونه خارج المنزل، ويجرونه إلى الهاوية، فعليك أيها الأب أن يتعدى دورك مع ولدك توفير المال له، أو إصدار الأوامر والنواهي إليه، إلى توفير الرعاية الصحية له.

وقد نشر في أمريكا كتاب في الأيام الأخيرة وتكلمت عنه الصحف، هذا الكتاب عنوانه "النجدة من أبنائي المراهقين" وقد ألفه أبوان عندهما خمسة أطفال، دللوهم وأعطوهم المال، ووفروا لهم وسائل الترفيه كلها، فكانت النتيجة ضياع هؤلاء الخمسة الأبناء كلهم، وكونهم وبالاً على والديهم، فكتب الوالدان هذا الكتاب عبارة عن نصيحة مجرب للأبوين، ومن أهم ما قال هؤلاء الوالدان: إن التدليل للولد، وتوفير الأشياء المادية له فحسب، هو من أخطر ضياع الأبناء، وإن المال وحده لا يكفي لتنشئة أبناء أصحاء من الناحية النفسية، ومن الناحية البدنية والاجتماعية، بل على العكس من ذلك، بل قد يكون توفير المال سبباً رئيسياً في انحراف الأبناء، ويقول هذان الأبوان: إن أحسن ما تنفقه على ولدك ليس المال، وإنما الوقت، فالأبناء بحاجة إلى الرعاية الشخصية، ومن المؤسف أيها الإخوة أن كثيراً من الآباء لا يلتقون بأولادهم وبأزواجهم، إلا على مائدة الطعام، هذا إن لم يكن أحدهم مدعوّاً على الغداء أو العشاء، فقد يلتقي مع أولاده على مائدة الطعام، لمدة عشر دقائق، أو ربع ساعة، أما بقية الوقت فقد تركهم في لا شيء، ثم بعد ذلك ينزعج ويغضب ويفاجأ إذا وجد من أبنائه شيئاً من الانحراف!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015