الأمر الثالث: أن كثيراً من الإخوة من فرط غيرتهم وحماسهم، يعلقون تعليقات على بعض الأوراق تعليقات ليس لها لزوم، بل هي تعبر أحياناً عن ضعف المستوى العلمي، والعجلة، والحماس، وما أشبه ذلك، وقد وقفت في بعض الأوراق على تعليقات -على أشخاص أو على مؤسسات، أو معاهد، أو غيرها- في الواقع لا يسرنا أن تنقل عنا ولا عن الطيبين الصالحين الملتزمين، فعلى الإنسان أن يعلم أن ما تكلم به، أو كتبه، لا يتكلم به في مجلس فيه عشرة أو عشرين، قد ينتقده نصفهم، أو يوافقه نصفهم، لا، إنه حين يكتب ورقه، أو يتكلم بكلام يتناقله الناس في المشرق والمغرب فيكون سبباً في سوء الظن بهؤلاء، أو بهذا الذي كتب، أو يكون سبباً في سوء الظن بجملة من الناس الطيبين، فعلى الإنسان أن يدرك أنه مسئول عما يقول، أو يكتب، أو يفعل، أو يعلق.
وأضرب لذلك مثلاً: قد يكتب كاتب قصيدة، هذه القصيدة من حيث المعاني رديئة وسيئة، ومعانيها مذمومة، لكن القصيدة من حيث البيان والبلاغة والكلمات جميلة، فإذا قرأها إنسان قال: هذا شعر لفظه حسن، ومعناه قبيح! فإذا أتيت أنت وعلقت على هذا الشعر مثلاً، الذي يستجيد الناس لفظه، ويستقبحون معناه، علقت عليه بألفاظ بذيئة، أو كلمة سيئة، استهجن الناس مثل هذا الأمر وذموه وعابوه، وقالوا: هذا يدل على ضعف المستوى العلمي والثقافي لمن كتب مثل هذه الأشياء.