هذا المقطع الذي قرأناه الآن من قوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات:24] يعالج موضوعاً مهماً وهوقصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، من قصة إبراهيم {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات:24] إلى لوط، إلى عاد، إلى ثمود، إلى فرعون، إلى نوح، فهذا المقطع يعالج قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وما حصل لهم مع أممهم، والعاقبة التي صاروا إليها.
أما علاقة هذه القصص بما قبلها من الآيات في السورة من قوله: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً} [الذاريات:1] إلى قوله: {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} [الذاريات:8] إلى قوله: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات:13] إلى قوله: ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)) [الذاريات:15] العلاقة هي مصيرهم في الدنيا وفي الآخرة وهذا هو الرابط بين أول السورة وبين وسطها، وذلك أنه بعدما ذكر في الآيات السابقة مسألة الدين والجزاء والحساب يوم القيامة، التي بدأت بها السورة، وأقسم الله عليها، {الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات:14] فذكر في أول السورة أن ثبوت الجزاء بعد البعث، ومصير المؤمنين والكافرين، ثم ذكر هنا نماذج من الأمم والأقوام المكذبة، وما جرى لهم في الدنيا من العذاب والنكال وما ينتظرهم في الآخرة من السلاسل والأغلال، فهذا جزء من الرابط بين أول السورة وبين وسطها، وهذا السياق القرآني في قصص الأنبياء، يرد كثيراً في القرآن الكريم، بل لا تكاد تخلو سورة من سور القرآن، من قصص للأمم السابقة، وكثيراً ما يوجه الله تعالى أنظار عباده إلى هذه القصص، لما فيها من العبرة، فأما العبرة للمؤمنين فهي تسلية لهم وتسرية وطمأنة لقلوبهم، أنه مهما طالت الدنيا فهي قصيرة، وهذا مصير أعداء الله ورسله، فتطمئن قلوبهم، ولهذا قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف:111] كذلك فيها عبرة، ووعيد وتهديد للكافرين أنفسهم، فبقدر ما فيها تسلية للمؤمنين فيها وعيد على الكافرين: أن تربصوا، وانتظروا، وافعلوا ما شئتم! فهذا هو المصير الذي ينتظركم