إرهاصات النصر

أمر ثالث وأختم به وهو موضوع (إرهاصات النصر وبشائر النصر) : إرهاصات النصر وبشائره كثيرة، هذه القلوب الحية التي تؤمن بالله عز وجل وتؤمن بوعده، وتنتظر موعود الله تعالى وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم، وتعمل على تحقيقه بقدر ما تستطيع؛ هذه القلوب هي الأرضية الخصبة الصلبة لتحقق وعد الله تعالى, وصناعة المستقبل الإسلامي.

هذه الجموع من الشباب المؤمن المتطلع إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، والذي يتحرق إلى الشهادة، فإذا ذكر الجهاد وذكرت الشهادة ارتفعت روحه, وارتفعت من فمه الدعوات الصادقة بأن يرفع الله تعالى علم الجهاد.

هذه الدعوات الصادقة أيضاً من القلوب التي ترتفع في جوف الليل, تتحرى بصدق، وكل ما تدعو به هو أن يعز الله الإسلام والمسلمين ويذل الشرك والمشركين؛ وهذا لا شك أنه مبشر بوعد الله تعالى وتحقق الإجابة بإذنه عز وجل.

وكذلك هؤلاء الجنود المرابطون في كل مكان، وأعني بذلك: أولئك المرابطين على كل ثغر ثغر الجهاد باللسان، بالكلمة الطيبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثغر المال والجهاد بالمال في سبيل الله عز وجل على الفقراء والمساكين والمحتاجين والضعفاء والمجاهدين في كل مكان, ثغر الجهاد العسكري والذين يحملون السلاح في سبيل الله تعالى، لا يريدون إلا نصرة دين الله وإلا حماية شريعته وإلا الحفاظ على المؤمنين وحمايتهم من عدوهم.

الذين يجاهدون في ميدان الجهاد الاقتصادي، الذين يجاهدون ويرابطون في ميدان الجهاد الإعلامي, وكل ميادين الدعوة إلى الله عز وجل, هؤلاء الذين أصبحوا لا تخطئهم عينك في كل مكان, أي إدارة تدخلها أو مؤسسة أو مدينة أو بلد لا يمكن إلا أن تجد فيها نماذج حية من المؤمنين المتدينين الصادقين, وليس تديناً عادياً؛ بل تديناً على علم وبصيرة ووعي وإخلاص, وتجد الواحد منهم داعية إلى الله عز وجل فيمن حوله, من خلال نشر الكتب والأشرطة، والكلمة الطيبة، والدعوة، وإقامة حلقات تحفيظ القرآن والدروس العلمية إلى غير ذلك من الوسائل والأسباب.

بل إن من أكبر الأدلة والإرهاصات على مستقبل الإسلام هذا الرعب العالمي والخوف العالمي الذي قذفه الله تعالى في قلوب الكافرين من الإسلام, على رغم أن المسلمين في وضع معلوم، ومع ذلك الغرب والشرق يتنادون بخطر الإسلام القادم, حتى إنهم يطلقون على العالم الإسلامي اسم (العملاق النائم) الذي يخشون ويخافون أن يستيقظ في أي لحظة فيأتي على بنيانهم من القواعد, فيخر عليهم السقف من فوقهم ويأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون، وهذا واقع بإذن الله تعالى كما قال جل شأنه: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} [الحاقة:51] وقال: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص:88] .

وكذلك هذا التقدم في المواقع التي يشهدها المسلمون -بإذن الله تعالى وعونه ونصره- يوماً بعد يوم.

إذاً: العالم يشهد الآن ميلاداً قوياً -إن شاء الله- لمستقبل مشرق لهذا الدين، ويجب على المؤمنين أن ينطلقوا بالعمل الصادق، وهم مؤمنون بأن هذا الوعد الإلهي سيتحقق -بإذن الله تعالى- وإن لم نشهد هذا نحن بأعيننا، فسيشهده أولادنا أو من يأتي بعدنا, وليس لأحد منا أن يقترح على الله تعالى تحقيق الوقت الذي يتحقق به, وإن كان الإنسان كما ذكر الله تعالى: {وَكَانَ الْأِنْسَانُ عَجُولاً} [الإسراء:11] .

فالعبد يتمنى أن يرى نصر الإسلام بعينه، وكلنا ذلك الرجل, ومع ذلك فقد يتحقق هذا لنا أو يتحقق لأولادنا، المهم أننا قد ضمنا وآمنا وقطعنا بمقتضى علمنا بشريعة ربنا وعلمنا بسنن الله تعالى في الحياة, ومعرفتنا بواقع البشرية اليوم -أيضاً- بأن المستقبل قادم لهذا الدين, وأن نصر الله قريب غير بعيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015