هذا الأمر الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم هو أمر ممتد في الماضي والحاضر والمستقبل؛ وليس أمراً مضى وانتهى، وكما أن هذه الجزيرة شهدت بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، فبالأمس القريب شهدت تجديداً أو شهدت آخر حلقة من حلقات التجديد في هذا الدين على يد الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، والذي أحيا ما اندرس من شأن الدين؛ لا أقول في هذه الجزيرة بل في العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه.
وكانت حركته ودعوته تنبثق من هذه الجزيرة المباركة، فجدد الله به شأن الإسلام، وأحيا به العقيدة السلفية الصحيحة، وحطم به رؤوس الطواغيت والأوثان، التي كان الناس يعبدونها من دون الله، يعبدونها بالسجود لها، أو بإعطائها الدينونة والحاكمية من دون الله تعالى، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل الذي تتحطم على يديه أسطورة المسيح الدجال في آخر الزمان هو من هذه الجزيرة.
ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه، {أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المسيح الدجال، وأنه لا يدخل مكة ولا المدينة، فيقف على أنقاب المدينة فيخرج إليه كل منافق ومنافقة، ويقيض الله له رجلاً مؤمناً هو خير أهل الأرض يومئذٍ أو من خير أهل الأرض يومئذٍ، فيخرج إليه ويقول على ملأ من الناس بعد أن يتخطى جموع هؤلاء الحراس والسدنة والجنود الذين أجلب بهم المسيح الدجال، فيقول: أشهد أنك المسيح الدجال الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فيبهت الدجال، ويهتز موقفه فيقول للناس: أرأيتم إن قتلته ومشيت بين قطعتين! تشهدون أني أنا الله! فيقطعه، ويمشى بين قطعتين من جسده، فيبعثه الله عز وجل مرة أخرى ويقول: والله ما ازددت فيك إلا بصيرة، أشهد أنك المسيح الدجال يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: فهذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين} وهذا الموقف العظيم الصحيح الثابت برواية البخاري ومسلم هو إيماء وإشارة إلى أن كل فتنة عمياء صماء تجتاح بلاد الإسلام؛ تتحطم على صخرة هذه الجزيرة.
وإذا كانت فتنة المسيح الدجال هي أعظم فتنة من لدن نوح إلى قيام الساعة؛ فإن كل فتنة أهون منها وكل فتنة تجتاح المسلمين ستتحطم-وهذا أمر يؤمن به كل مسلم- على أيدي أبناء هذه الجزيرة كما تحطمت فتنة المسيح الدجال على يد هذا المؤمن الموحد الذي هو أعظم الناس إيماناً أو من أعظم الناس إيماناً.