عدم وضوح المنهج لدى كثير من الدعاة، فكثير من الدعاة يعتمدون على الحماس المجرد، وقد مر على الدعوة الإسلامية وقت غير قصير كان البارزون المتصدرون للدعوة أناس قد لا يكون لدى الواحد علماً شرعياً صحيحاً، ولا فقهاً عميقاً في الدين، لكن عنده عاطفة إسلامية وعنده حماس للدين، وهذه العاطفة والحماس أدت دورها -لا شك- في إحياء الإيمان في نفوس بعض الناس، وفي دعوتهم إلى الإسلام، وفي ردهم إلى الدين، لكن الناس لما رجعوا إلى الدين صاروا يريدون أن يعرفوا حدود ما أنزل الله إلى رسوله، يريدون أن يعرفوا تفاصيل الحلال والحرام، يريدون أن يعرفوا كل ما يتعلق بهذا الدين، فأصبحوا محتاجين إلى أن ينتقلوا من مجرد الحماس والعاطفة إلى منهج واضح مبني على أصول لا غبار عليها.
1- وضوح المنهج العقدي: لا بد من وضوح المنهج في مجال الاعتقاد بأن يكون الإنسان واضحاً في عقيدته، سواءً ما يتعلق من ذلك بتوحيد الربوبية وهو إفراد الله تبارك وتعالى بأفعاله، واعتقاد أن الله تبارك هو الخالق المالك المدبر، أو بتوحيد الألوهية وهو: توحيد الطلب والقصد وإفراده جل وعلا بأفعال العباد والتوجه بالعبادة لله تبارك وتعالى وحده، أو بتوحيد الأسماء والصفات وهو الإيمان بأسماء الله عز وجل وصفاته، كما أخبر الله عنها في كتابه، وكما أخبر عنها رسوله صلى الله عليه وسلم دون تحريفها أو تأويلها عن معانيها الحقيقية، وفي هذا توجد أخطاء عديدة.
وبطبيعة الحال من الناس من لا يدرك هذه القضايا، فقد يكون داعية ومصلحاً في نظر الناس، لكنه لا يفهم توحيد الألوهية ولو سألته عنه لفسره بتوحيد الربوبية، ويوجد من الناس من لا يفرق بين هذه الأشياء، ويوجد من الناس من يؤول أسماء الله وصفاته، هذا كله لا شك موجود، وهو خطأ لا غبار عليه ولا شك فيه، لكن هناك أخطاء أخرى قد تلتبس عند كثير من الناس، وهي التي أريد أن أركز عليها الآن.
من هذه الأخطاء: أن من الناس من يؤمن بهذه الأشياء، أو يملك نوعاً من الوضوح في عقيدته، لكنه لا يملك الحماس لهذه العقيدة، مثلاً قد تجد داعية صنف كتاباً في العقيدة الإسلامية، تقرأ في هذا الكتاب من أوله إلى آخره تجد أن الكتاب لا غبار عليه، يتحدث عن العقيدة الإسلامية، ويعرض العقيدة بأقسامها عرضاً صحيحاً، لكن حين تنتقل إلى واقع هذا الإنسان، وحياته لا تجد أن لهذه العقيدة تأثيراً في حياته، بمعنى أنه لم يعط هذا الجانب اهتماماً كافياً، فتجد أنه يعيش بين قبوريين مثلاً، يعيش بين خرافيين، يعيش بين صوفية، يعيش بين مؤولة والوضع عنده طبيعي، ويعتبر أن التركيز على مثل هذه القضايا، هو مدعاة لإثارة الخلاف وتفرق الصفوف ولذلك لا داعي للتركيز عليه، فيقع عند الناس التباس، فلان يا أخي كتابه جيد، صحيح أن كتابه جيد لا غبار عليه، لكن المشكلة أن واقع هذا الإنسان لم يصغ على أساس أنه يوالي في هذا المعتقد السلفي الذي التزمه.
هذه نقطة وهي قضية مهمة وواقعة في كثير من الأحيان.