الخطة الثانية: إظهار الإسلام رغبة في الوصول إلى المآرب، بحيث أنهم يطبقون الخطة التي كان يقولها بعض أهل الكتاب: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} [آل عمران:72-73] أحياناً يهود أو نصارى يعلنون أنهم أسلموا، بغرض التغلغل والدخول إلى المسلمين وذر الرماد في العيون، والأمثلة من ذلك كثيرة.
مثلاً: عبد الله بن أبي بن سلول، أظهر الإسلام وهو باقٍ على كفره ونفاقه، من أجل أن يكيد للمسلمين.
مثل آخر: عبد الله بن سبأ المشهور بـ ابن السوداء، كان يهودياً من أهل صنعاء، فأظهر الإسلام حتى يكيد للإسلام، وهو باقٍ في حقيقة الأمر على يهوديته.
التتار كانوا وثنيين متوحشين لا دين لهم، لكن عندما جاءوا إلى بلاد المسلمين واختلطوا بالمسلمين، أعلن بعضهم الدخول في الإسلام، وقد يكون بعضهم دخل في الإسلام حقيقة، لكن كثير منهم أعلن الدخول في الإسلام حتى يطمئن المسلمون ويهدءوا، ولذلك لما جاء التتر تردد كثير من المسلمين بعد ما أسلموا، وقالوا: كيف نقاتلهم وهم يقولون: لا إله إلا الله، ومعهم قضاة ومؤذنون وأئمة، ويحملون القرآن، ويعلنون الأذان ويصلون كيف نقاتلهم؟ فقام شيخ الإسلام ابن تيمية، وحسم الجدل بفتواه الشهيرة الموجودة في مجموع الفتاوى، والتي بين فيها أن هؤلاء التتر يجب أن يقاتلوا ويقتلوا.
حتى إنه -رحمه الله- كان يقول للمسلمين: لو رأيتموني في ذلك المعسكر -أي: معسكر التتار- وعلى رأسي عمامة، وفي يدي مصحف، فاقتلوني.
إذاً لا ينفع هؤلاء أن يتظاهروا بالإسلام؛ لأنهم يحاربون المسلمين ويقاتلونهم؛ طمعاً في دنياهم، وهم يحكمون غير شريعة الله عز وجل، لأنهم كانوا يحكمون بما يسمى "الياسق"، وهو نظام قانوني كافر، فيه من الإسلام؛ ومن اليهودية، ومن النصرانية، ومن آراء الناس وأقوالهم وظنونهم الشيء الكثير، وكانوا يحكمون به ويسمونه "الياسق".
حتى قيل: إن نابليون لما جاء إلى مصر في حملته الشهيرة، أعلن الإسلام حتى يهدأ الناس، وكان يخاطب الناس -أحياناً- بالخطابات، من عبد الله نابليون إلى من يراه من إخواننا المسلمين.
ويكتب لهم خطابات وهو كافر عنيد، لكن يضحك على عقول السذج بذلك فترة من الزمن، وكثير من الجواسيس تسللوا إلى المسلمين، وكانوا يعلنون إسلامهم حتى يقبلهم الناس، وينتشروا في أوساطهم دون أن يكون هناك تحفظ عليهم، هذه بعض خطط الأعداء.