إذاً الناس قلوبهم متطلعة ومتعلقة إلى أمور المستقبل، ولا يوجد إنسان يفكر في ساعته الحاضرة فقط، لكن الفرق في ذلك: أن أهل الجاهلية -سواء كان في الجاهلية القديمة أم الجاهلية المعاصرة- يفكرون في المستقبل تفكيراً منحرفاً، فمثلاً في الجاهلية كانوا يفكرون عن طريق الكهان، والعرافين، والمنجمين، والرمالين، فيأتي الواحد منهم رجل أو امرأة إلى الكاهن، فيقول: ماذا سيحصل لي، وماذا سيحدث، وماذا تتوقع؟ فيقول له الكاهن ما أخبره به شيطانه، ويصدق مرة ويكذب تسعاً وتسعين مرة، ومثله ما نجد في العصر الحاضر ما يسمونه قراءة الكرت، أو البرج أو حظك، أو ما أشبه ذلك من الأشياء، التي شاعت وذاعت عند أهل الجاهلية، وانتشرت إلى بعض المنتسبين إلى الإسلام في هذا العصر.
وكذلك أهل أوروبا، يخططون ويفكرون للمستقبل من خلال نظرات وحسابات مادية بحتة، ولذلك كثيراً ما تأتي الأمور مخالفة لما كانوا يتوقعون.