وقد قص النبي صلى الله عليه وسلم علينا من أخبار بني إسرائيل في الأحاديث الصحاح من أخبار التوبة الشيء الكثير الطيب، فمن ذلك ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من توبة ذي الكفل، وهي قصة صحيحة رواها الترمذي وحسنها، والحاكم، وابن حبان وصححاها وغيرهم من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الكفل كان رجلاً من بني إسرائيل لا تتسنى له معصية إلا وقع فيها -رجلٌ مقدم على الزنا والفجور وأكل الحرام وأكل الربا وقتل النفس بغير حق وعقوق الوالدين وغير ذلك من ألوان المعاصي التي تتسنى له، لا يتورع عن شيء منها قط- ففي أحد الأيام طلبت منه امرأة أن يعطيها ستين ديناراً، فوافق أن يعطيها هذا المبلغ، مقابل أن تخلي بينه وبين نفسها ليقع في الزنا بها والعياذ بالله فوافقت على ذلك فأعطاها ستين ديناراً، فلما قعد أمامها ارتعدت وبكت فقال: لها ما يبكيك؟ قالت: الخوف من الله عز وجل؛ فإن هذا أمر لم أفعله طيلة عمري، قال: ولماذا فعلتيه إذاً ووافقتِ على ذلك؟ قالت: لأنني محتاجة حاجة شديدة، فقال: أنا أحق أن أخاف الله عز وجل وأخشى منه، وقد وقعت في ألوان الذنوب والمعاصي، فقام ولم يقع في هذه الجريمة، ثم خرج تائباً إلى الله عز وجل، فمات في تلك الليلة، وأصبح مكتوباً على بابه: إن الله تعالى قد غفر للكفل} .