والأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كانوا يتوبون إلى الله عز وجل، فهذا آدم أبونا يقول الله تعالى عنه: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه:122] .
وآدم وحواء يقولان: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23] ونوح عليه السلام يقول ذلك، ومحمد صلى الله عليه وسلم يستغفر الله في اليوم والليلة أكثر من مائة مرة؛ ويقول في صلاته: {اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد} ويقول: {سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي} .
ويقول: {اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي} ويقول: {اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، أنت المقدم وأنت المؤخر أن إلهي لا إله إلا أنت} وهو سيد العابدين، وإمام المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين، ومع ذلك يتوب إلى الله هذا المتاب، ويستغفر الله هذا الاستغفار.
فما بالكِ أيتها الأخت المسلمة! بأمثالنا من العصاة الذين يُخطئون بالليل والنهار؟! والله عز وجل يفتح لهم أبواب رحمته ويقول لهم: {يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا؛ فاستغفروني أغفر لكم} ليس بينكِ وبين الله عز وجل إلا أن ترفعي رأسك إليه بصدق، وتقولي: "اللهم إني أذنبت فاغفر لي"؛ فيغفر الله عز وجل لكِ.
وفي الحديث الصحيح: {أن رجلاً من بني إسرائيل أذنب ذنباً، فقال: اللهم إني أذنبت فاغفر لي، فغفر الله له، ثم وقع في الذنب مرة أخرى فقال: اللهم إني أذنبت فاغفر لي، فغفر الله له، ثم أذنب مرة ثالثة، فقال: اللهم إني أذنبت فاغفر لي، فغفر الله عز وجل له، وقال: عبدي علم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، افعل ما شئت فقد غفرت لك!} .
فأين العصاة من باب الله عز وجل، هذا الباب الذي لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها.