أحب أهل الخير ولا أحب صحبتهم

السؤال الخامس: أنا شاب طيب -إن شاء الله- ولكن لا أجد في نفسي رغبة في كثرة مصاحبتي لأهل الخير، وأحب مفارقتهم وأنا أحبهم، فما رأيكم جزاكم الله خيراً؟

صلى الله عليه وسلم الإنسان الذي يجد في طبيعته الميل إلى العزلة، عليه أولاً أن يستفيد من أوقات فراغه التي يخلو بها بنفسه، يستفيد منها بصورة صحيحة، بالعلم، والعبادة، وغير ذلك من الأعمال المشروعة، ثم عليه أن يجاهد نفسه في مجالسة أهل الخير، ومعاشرتهم، فإنه بترك مخالطتهم يخسر شيئاً كثيراً، وليسأل نفسه مثلاً السؤال الذي ورد أثناء المحاضرة، كيف يعرف إن كان حليماً وصبوراً أم كان على الضد من ذلك؟ والحلم والصبر أخلاق إسلامية مطلوب من الإنسان أن يتحلى بها، فلا بد من المخالطة، ومواجهة أشياء تستفزه، فيتربى على هذه الأشياء، ويفلت منه زمام نفسه مرة فيتلقن منه درساً للمرة الثانية وهكذا، إنما بكل حال لا يمكن أن نطلب من الناس أن يكونوا كلهم قوالب مصبوبة بالسنتيمتر لا تزيد ولا تنقص، الناس يتفاوتون ومواهبهم تتفاوت، وملكاتهم تختلف، فمن الناس من يأنس بمجالسة الآخرين ودعوتهم والاحتكاك بهم، ويجد في هذا أنس وسعادة إضافة إلى ما يجده من اللذة في التعبد بهذا العمل، وهو الدعوة إلى الله وإصلاح الناس والإحسان إليهم، وهذا لا شك مرتبة فاضلة ينبغي للإنسان أن يسارع إليها، لكن قد يوجد شخص آخر لا يجد في نفسه الرغبة، فلا نطالبه بأن يكون بنفس الصورة، لكن عليه أن يلتزم بقدر معقول من المجالسة يضمن له تحصيل مصالح الخلطة التي سبقت الإشارة إلى بعضها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015