العزلة في الفتن بين المسلمين

الحالة الثانية: هي العزلة في الفتنة، والمقصود بالفتنة القتال الذي يقع بين المسلمين، والدليل على مشروعية العزلة في مثل تلك الحال، ما رواه عمرو بن وابصة الأسدي -رضي الله عنه ورحمه الله- قال: كنت في داري بالكوفة إذ سمعت قائلاً يقول: السلام عليكم، أألج؟ أي أأدخل؟ فقلت: وعليكم السلام، ادخل، قال: فإذا أنا بـ عبد الله بن مسعود، فقلت له يا أبا عبد الرحمن أي ساعة زيارة هذه؟ وكان ذلك في نحر الظهيرة في شدة القيلولة، فاستغرب هذه الزيارة، فقال ابن مسعود رضي الله عنه طال عليَّ النهار فتذكرت رجلاً أتحدث إليه، قال: فجعل يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثه، قال: فقال لي: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من المجري، قتلاها كلهم في النار، قلت: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: ذلك أيام الهرج، قلت: وما أيام الهرج؟ قال: حين لا يأمن الرجل جليسه، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: ادخل دارك، قلت: فإن دخل علي داري؟ قال: ادخل بيتك، -والبيت أخص من الدار كأنه غرفة تكون في أقصى الدار- قلت: أرأيت إن دخل علي بيتي؟ قال: ادخل مصلاك، ثم قل هكذا: وقبض بيمينه على الكوع -علامة على الاستسلام وعدم القتال- وقل: ربي الله حتى تموت على ذلك} قال عمرو بن وابصة وهو يروي عن أبيه قال: [[فلما قتل عثمان رضي الله عنه طار قلبي مطاره تذكر هذا الحديث، فذهبت إلى الشام فلقيت خريم بن فاتك رضي الله عنه فأخبرته بما قال لي عبد الله بن مسعود، فأقسم لي بالله والله الذي لا إله إلا هو لسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثك ابن مسعود -رضي الله عنه وأرضاه]]- وهذا الحديث رواه أبو داود والإمام أحمد والحاكم والزيادة التي فيه من قوله فلما قتل عثمان هي من رواية أحمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015