إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيها الإخوة: إن الله تبارك وتعالى الذي خلق الإنسان هو أعلم بمن خلق كما قال سبحانه: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} [الملك:14] خلق هذا الإنسان ميالاً إلى الأنس والمجالسة والمعاشرة، تاركاً للعزلة والانفراد مستوحشاً منها، وأنزل هذا الدين ملبياً للخصائص الفطرية المركوزة لدى الإنسان.
ولذلك كان الإسلام دين الجماعة، فأنت حين تقرأ القرآن الكريم تجد أن الله عز وجل يخاطب أمة وجماعة فيقول: (يا أيها الذين آمنوا) فالخطاب في القرآن هو للجماعة قبل الفرد، وحين تتأمل الأحكام الشرعية والشعائر العبادية، تجد أن الله تبارك وتعالى فرض كثيراً منها على الجماعة وأوجب الجماعة، فيها إما على الأعيان وإما على الكفاية، فالصلاة مثلاً تجب على كل فرد، ويجب عليه أن يصليها مع الجماعة، وقل مثل ذلك صلاة العيد، أو الاستسقاء، أو الكسوف، أو غيرها، منها ما يجب أداؤه جماعة على كل فرد، ومنها ما تجب فيه الجماعة على الكفاية.