مذهب أهل البدع في الاستواء والرد عليهم

وأما أهل البدع والضلال ممن أولوا حقيقة الصفات عن ظاهرها إلى معان أخرى؛ فإنهم يفسرون الاستواء بغير ذلك.

فمنهم من يفسر الاستواء "بالاستيلاء" كما يحتج بعضهم بقول الشاعر: قد استوى بشر على العراق من غير سيف أو دم مهراق ويرويها بعضهم: " قد استولى بشر " وهذا ليس بالصحيح؛ بل الصواب: " قد استوى بشر ُ على العراق ولاشك أن هذا التفسير يلزم أيضاً منه لوازم باطلة.

منها: أن الله تعالى لم يكن مالكاً للكون متصرفاً فيه، ثم استولى عليه بعد ذلك وهذا لازم باطل يلزمهم لا مفر لهم منه، ومثلهم أو قريب منهم: من يفسرون الاستواء بالهيمنة والغلبة والسيطرة أو نحو ذلك من العبارات التي يرددونها، ويفسرون بها معنى (الاستواء) وذلك هروباً منهم -بزعمهم- من إثبات صفة لله يرون أن في إثباتها تشبيه له بخلقه، أو أنه يلزم فيها حلول الحوادث فيه جل وعلا، أو يلزم منها مماسة، أو يلزم منها شيء من ذلك وهذا كله ليس بلازم.

بل نحن نقول: إن المسلك الأسلم في الأسماء والصفات هو أن تثبت كما جاءت في نصوص الكتاب والسنة دون أن ندخل في تكييفها؛ وما دمنا لم ندخل في تكييفها، فإننا لسنا بملزمين بشيء من تلك اللوازم التي يزعمون ويدعون.

بل نقول: الله تعالى أعلم بنفسه من خلقه، وما دام أخبرنا بذلك؛ فنحن نقرؤه ونثبته، كما دل عليه ظاهر النص، دون أن ندخل في تكييفه، ولا أن نشغل عقولنا ولا قلوبنا بالبحث عن معانٍ أخرى له، غير ظاهرة، وكذلك لا نعتقد بأنه يلزم من إثباته؛ إثبات تشبيه الله تعالى أو تمثيل له بخلقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015