العمل على إظهار العبادة بأسلوب خفي

ومن ذلك: أن الإنسان قد يخفي العبادة ظاهراً, لكنه يسعى إلى أن يعلمها الناس بأسلوب لطيف خفي غير مدرك, كمن يسبح سراً، أو يستغفر سراً لكنه يصفر بحرف السين حتى يسمعه الناس، فهو قد أخفى العبادة وفي نفس الوقت حاول أن يسمعه مَنْ حوله, حتى يقولوا: ما شاء الله فلان عابد، لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله تعالى, ومع ذلك فهو بعيد عن الرياء لأنه يخفي العبادة، وإنما لاحظنا ذلك من حركة شفتيه أو وصوصة لسانه, أو من تحرك يده بالذكر أو ما أشبه ذلك.

وإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فقد يفعل الإنسان هذا من غير قصد الرياء فلا يضره ذلك, وبعضهم قد يتصدق باسم فاعل خير، ثم يدس بين الناس من يشيع أن فاعل الخير هو فلان بن فلان؛ ليجمع بين الصدقة والتظاهر بالإخلاص وكره الرياء، والله تعالى يقول: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:13-14] .

وبعضهم إذا قرب إليه طعام، قال: أنا صائم! وذاك لصوم نفل، وأشد من ذلك أن بعضهم إذا قرب إليه طعام قال: اليوم خميس, وكأنه بذلك يشير، ويقول للناس: أنا أصوم في كل يوم خميس! فلماذا لم تعلموا هذه العادة مني؟ ولماذا تقربون لي الطعام، وأنتم تعلمون أن من عادتي صيام يوم الخميس؟ والنبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أنه إن كان مفطراً فليأكل, وإن كان صائماً فليدع لهم بالبر والبركة فيقول: بارك الله لكم في طعامكم وفي شرابكم، وفيما رزقكم، وما أشبه ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015