فتوى على الهاتف

لقيت كثيراً من الشيوخ -منذ زمن طويل، وفي الأسبوع الماضي على وجه التخصيص- يشتكون كثرة الاتصالات الهاتفية! وهذا -في الواقع- بشير خير، يدل على إقبال الناس على العلم الشرعي، وثقتهم بالمشايخ والعلماء؛ حيث يسألون عن أمور دينهم ودنياهم ومشاكلهم الاجتماعية، والاقتصادية وغيرها ولكنني أود أن أقول: حتى هؤلاء الشيوخ الذين بذلوا لنا أوقاتهم، لهم خصوصياتهم ومن حقهم أن يستمتعوا بأوقات الراحة، كما يستمتع بها غيرهم، وأن يحظوا منا بالرعاية وحسن الأدب؛ أكثر مما يكون مع غيرهم مثلاً: في رمضان يقول لي أحدهم: طيلة أربع وعشرين ساعة، والهاتف يرن لا يهدأ أبداً؛ لأن من الناس من ينام في الليل، ويصحون بالنهار، فيظن أني مثله، فيتصل بالنهار -حتى بعد صلاة الظهر، في منتصف الظهر- يتصل ويقول: طبيعي؛ لأنه ما دام نام في الليل فإنه لا ينام في النهار، وبعض الناس على العكس! في رمضان ينامون في النهار، ويسهرون في الليل، فيتصل الواحد منهم ربما في الساعة الثانية والثالثة ليلاً، وهو يكون يقظ؛ لأنه ما دام نائماً في النهار؛ فلن ينام في الليل.

فكل إنسان يقيس الناس على نفسه، ولا يحس إلا بقدر حاجته.

هناك أمور يجب مراعاتها في موضوع الاتصالات الهاتفية، حين نتصل بمشايخنا، وعلمائنا لنسألهم عما أشكل علينا وأختصر أيضاً: أولاً: الاقتصار على الوقت المخصص، إذا حدد وقت لا تأخذ غيره.

ثانياً: عدم الإطالة بالمقدمات: مثل: كيف حالكم؟ كيف الأولاد؟ كيف الصحة؟ كيف الأحوال؟ كيف الأهل؟ كيف الجيران؟ لا داعي لهذا.

ثالثاً: عدم ذكر التفاصيل التي لا تتعلق بموضوعه، أو أن تكون القضية مجرد بث الشكوى دون مصلحة: امرأة -مثلاً- تعاني مشكلة مع زوجها، تقتصر على ذكر المشكلة أما كونها تتحدث عن الأمور، وعن الماضي والحاضر، والواقع، وكذا لمجرد بث الشكوى؛ فهذا من الممكن أن تشتكي إلى أمها، أو إلى صديقتها، أما أوقات الآخرين فلا يمكن أن تكون لمثل هذا.

وقد يأتي الرجل ليسأل عن مسألة طلاق؛ فتجده يسرد لك قصة زواجه، من خمس وعشرين سنة إلى اليوم، وما جرى فيها وما حصل والمشكلات ولا داعي لهذا.

رابعاً: عدم الاتصال على أكثر من واحد؛ فالبعض يتصل بفلان، وفلان، ويقارن بين الفتاوى.

خامساً: حسن الأدب: فالبعض يخاطب الشيخ فيقول: أنت ما فهمت!! أو أنت لا تدري -مثلاً-!! أو هل أنت فعلاً فلان؟! وبعد كل قليل هل أنت فعلاً فلان؟!! ما هو السبيل لأن يثبت أنه فعلاً فلان، أو يقول: أنت أخطأت خطأ أريد أن أنبهك عليه، لا داعي لأن تجزم بأنه خطأ إلا بعد أن تذكره، ويوافقك على أنه خطأ؛ فلابد من الأسلوب المناسب.

سادساً: رعاية هذا الإنسان في أهله، وولده: فلا يسيء المتصل إليهم بقول ولا يفعل.

سابعاً: عدم الاتصال لغير حاجة: مجموعة يلتقون أحياناً فيثور بينهم أي سؤال، كل ما في الأمر أنه يتصل بالهاتف، ويسأل فلاناً، مع أن القضية قد لا تكون ملحة.

وكثير من الناس؛ خاصة الفتيات والنساء، يتصلن من أجل السؤال عن الرؤيا عن الأحلام، وفي الواقع هناك فرق كبير بين من يتصلون للسؤال عن أحلام رأوها، وبين من يسألون عن فتاوى، ولو سأل الناس عن أمور دينهم، كما يسألون عن الأحلام التي يرونها في منامهم؛ لأصبحوا فقهاء.

ثامناً: البدء بالسلام (تحية الإسلام) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تاسعاً: عدم المقاطعة: إذا تكلم الإنسان وأجاب، لا داعي لأن تقاطعه في الكلام.

عاشراً: لا بد من وضوح الصوت: هذه تحدث مشكلة! تصور -مثلاً- أن موظف الخطوط، أو موظف البريد، أو الهاتف، الذي يستقبل مكالمات على مدى وقت الدوام، فأنه يعاني مشكلة ولابد -مع الوقت- في أذنه! فكيف بمن يكون طيلة وقته هكذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015