ورث أصحابه عنه هذا الأمر، وخلعوا ما كان في الجاهلية من احتقار المرأة أو ازدرائها أو الحط من قدرها، ورفعوا مكانتها، ورأوا أنه من الطرق الموصلة إلى رضوان الله تعالى والجنة العناية بالمرأة والاهتمام بها وتكريمها، وكيف لا وهم يسمعون النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة} فيعتبر أن هذا الضعف الفطري في المرأة مدعاة إلى تقديرها واحترامها وحفظها وصيانتها، وهو الضعف الذي جعلها أنثى تسد هذه الخانة الموجودة في المجتمع، فهو ليس ضعفاً تعاب به أو تؤاخذ أو تنتقص؛ بل على النقيض لو حاولت المرأة أن تخرج من إطار أنوثتها لتترجل أو تتشبه بالرجال لفقدت أخص خصائصها، إذ قوة المرأة هي في ضعفها، وكما قال الشاعر العربي وهو يخاطب المرأة: أتجمع ضعفاً واقتداراً على الهوى أليس غريباً ضعفها واقتدارها فهذا الجانب هو الجانب الذي تميزت به المرأة عن الرجل وبه أصبحت المرأة قادرة على إدارة شئون البيت، وعلى تربية الأطفال، وعلى ملء قلب الرجل، وعلى القيام بمهماتها الحقيقية داخل المجتمع المسلم.
المقصود من هذا الاستطراد الإشارة إلى أن الإسلام رفع مكانة المرأة، ومن رفعه لمكانتها أنه لم يجعل للمرأة خطاباً خاصاً يخاطبها به دون الرجل، كما لم يجعل للرجل خطاباً خاصاً يخاطبه به دون المرأة؛ بل الأصل أن الخطاب واحد في الشرع للرجل والمرأة، وقليل جداً من الحالات خاطب الله فيها الرجل دون المرأة، أو خاطب المرأة دون الرجل بأحكام تخص أحدهما.